المتابعون

بسم الله الرحمن الرحيم

مدونة ثقافية ، منوعات ، اسلاميات ، فقه الأسرة ، العناية بالبشرة و الشعر ، صحة الأسرة ، علم النفس ، الإعجاز العلمي ، الطب البديل ، تطبيقات الحاسب الألي

الأحد، 24 يونيو 2012

الحــب الكـبيــر



ابوسعد النشوندلي

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الإهداء:
لك أيّها القلب الكبير , لك أيّها البحر الخضم , لك أيها الأمل الواسع , لك أيها الحب المتدفق, لك أيها البستان المؤرق .

هذه كلماتي تعجز في وصف مآثرك , وتتعثر في ذكر فضائلك , لستُ أدري من أين أبدأ في تسطير ملاحمك وسرد شمائلك ؟!.
أرجوك يا قلبي ضمني إلى صدرك الذي حرمت منه اليوم ,لن انسَ حبك ابدا, لن أنسَ دمعك. ,سأطربُ أذن الزمان بنشيد حبنا, سأملأ الدنيا فيك مدحا ونظما , سأغرس لك في قلبي رايات معطرة بالأشواق يجري من أعماقها شلال الحب الكبير .
حفظك الله يا جدي وأطال في عمرك على طاعته وأحسن ختامنا والمسلمين .

كتبه:
ابوسعد النشوندلي

يا جدي إني أرتل لك الحب شجيّا , إني ابثك الود نديّا , لأنك كنتَ للروح صفيّا , وللقلب خِلا رضيًّا , أنت يا جدي حبوري , أنتَ سعادتي وسروري , أنت جنتي وزهوري , أنت ألوان الخيال ترقص في يقظتي , أنت أمواج الروح تعانق شواطئ مهجتي . أنت شلال الحب ينهمر إلى صفحتي , يا جدي إني أهديك حبي , إني أهبك قلبي , إني أمنحك فؤادي إني أقدّم مهجتي فدى لك
* * * *    

يا جدي أنتَ سحابة حب أغاثت أرضي القاحلة, أنت نبع من كرم يتدفق ماؤه إلى أرجاء قلبي ,أنتَ شمس من أمل بزغت في صحراء روحي, يا جدي أنت مصباح الحب الذي أسرج ظلمة أحزاني , أنت تراتيل الخير لقلبي , أنت طيور الشوق تغنّي فوق أغصان أيامي, نعم يا جدي أنت سراج من امل لا ينطفئ أبدا


 أنت غيث من جود لا ينقطع أبدا ,

 أنت سحب من كرم لا تبخل أبدا

 , أنت قلعة من صمود لا تتزحزح أبدا 

أنت بحر من حكمة لا تجفّ أبدا .    

* * * *

يا جدي : ها أنا اليوم عطشان احتضرُ في صحراء الحياة فاسقني من رحيق تجاربك ,وزّودني من بنات افكارك ,أني عليل فقوّي عزمي بالأمل , أني كئيب فأرسل إلى قلبي عصافير الحب عساها تزقزق في أذني فتسمعني أعذب ألحانك , وأرقَّ أنغامك ,يا جدي إني بمرضك اليوم صرتُ فقيرا إلى تجاربك وعشتُ معدما اشتاق إلى نصائحك , أرجوك يا جدي ألا تسمعني , ألا تسمع صراخ قلب صغير كان يحتضن قلبك الكبير, اني اليوم أعضُّ أصابع الندم حزنا لأني لم أكتب جميع كلمات حبك .


يا جدي خذ قلبي مركبا لقلبك , خذ من شبابي غصونا نضرة تجّمل به وجه المشيب .

خذ من كنز قوتي ما يعيد لك الأمل . أرجوك -يا جدي - لقد خيّم العنكبوت على أحلامي وأنا أنتظرك بفارع الصبر لتنعش قلبي من جديد .

* * * *

يا جدي أنت سلاحي الذي أقاتل به اليأس , أنت الرجل الحكيم الذي صبّ عليّ غيث حكمته ,اني عشتُ يا جدي أنهل من ثروة تجاربك , حتى صرتُ غنيًّا , لقد شربتُ كؤوسا من شهد تجاربك . يا جدي أنت الأمل أنت يا بحر الندى , أنت يا كنز الوفاء أنت يا نبع العطاء, أنت يا وجه الرضا ,أنت يا صبح السنا .


أنا إن طالت بي الحياة سأكتبُ للدهر غيث حبك, وأنظمُ للزمان كثير عطفك , واسرج في سماء المكرمات قمرك ,وأعطّر الأيام من كرمك, وأسرج للقلوب وشاحا من فضلك وانثر للدنيا نجوما من جودك . 

* * * *

يا جدي أنت عنوان الحب , أنت قاموس الوفاء , أنت موسوعة الكرم , لقد نظرتُ إلى الحب بين الناس , فرأيتُ بعضه يموت وهو صغير, وبعضه يهرم وهو شاب , لكنَّ حبك -يا جدي-هو الحب الكبير الذي يكبر مع الأيام ويحلّق حراً في سماء الأحلام . 


يا جدي ها أنت اليوم تجاوزت المائة سنة لكنّ حبك ما زال في ريعان شبابه , انه كالدوحة الفيحاء تسبح أغصانها في السماء وتغوص جذورها في أعماق القلب زادتها الأيام بهاء وصفاء وشموخا ولمعانا ,لم تهزّها رياح المحن بل بقيت صامدة قوية ,هذا خيالي يعزف لك أنغام الحب بين يديك ويغرد كالبلبل حواليك .

* * * *

لقد تعلّمتُ منك الرحمة عند ما رأيتك تعطف على أغنامك, تعلمتُ منك الحب عندما أهديتني الحب غضا طريا يجري كالبلسم على شفتي , لقد تعلمتُ منك الصبر عندما رأيتك تصفح كثيرا عمن أساء إليك , ومن رفع صوته عليك فتحتَ لنفسك باب الصمت تعلمتُ منك يا جدي الحلم وعزة النفس فأنت دائما كبير القلب .

تعلمتُ منك حب العبادة , فأنت اليوم طريح الفراش فاقد للذاكرة قد نسيت كل شيء إلا الصلاة !!. إني أرى سجادتك صارت جارة لك عند رأسك, تعلمتُ منك حب العلم فقد كنتَ قارئا متعلّما مع أن أكثر أترابك من الأميين .

بل لستُ مبالغا إن قلتُ أن جمال خطِّك يفوق كثيرا على خطي مع أني صاحب شهادة جامعية, أشكرك يا جدي أنت أول من فتح لي باب الطموح,

 أشكرك يا جدي على حبك الكبير لقد عشتُ أسعد رجل في العالم أعطّر قلبي دائما برياحين الحب . 

من غيرك يا جدي إذا سقطت أول دمعة من عيني سارعت لمسحها وغرست بدلها بذرة  من غيرك اذا اهتزت احلامي  وتبدّّدت امالي أقبلتَ كالفجر تعيد النور في حياتي.

من غيرك يا جدي إذا تعثرت حركتي أقبلت ترسم أجمل لوحة حب في عيني . 

وتقول لي : سِرْ في حفظ الله ورعايته .

أنت الحب الذي لم تذبل أوراقه مع الزمن ,دعني يا جدي أرسم لك صورة من حب ثم انحتها في جدران قلبي , عساني احتفظ بها ما حييت .

* * * *

يا جدي أنت بحر أمنياتي , أنت شمس ذكرياتي أرجوك افتح لي قلبك أعيشُ بداخله , افتح لي اليوم يدك أقبّلها كما كنت أقبّلها وأنا صغير, خذ قلبي الجريح واحفظه في روضة حبك عساه ينمو من جديد .

يا جدي حياتي من دونك أحزان , أيامي من دونك آلام , عيشي بفقدك آهات .

لقد سمعتُ من فمك أحلى الكلمات . لقد منحتَ قلبي أحلى النبضات لقد وهبتني في شفتيك أحلى القبلات, حياتك يا جدي زينة العمر وشمس الأمل وبريق الغد , وفجر المستقبل الصاعد .   

* * * *
يا جدي إن في قلبي اليوم الكثير من الشجون وأريد أن أبثّها إليك , إن في قلبي الكثير من الأحزان وأملي أن تضّمد جراحي , وتلملم أوراقي ,أنا محتاج اليوم في شبابي لغزير حبك أرجوك ضمني إلى حضنك الكبير الذي وآسيت من قبل آلامي , مدّ يدك لتسحبني من أوحال الأسى , وافتح لي صفحة الحب الذي أخاف كل يوم أن تهجم عليها أرضة الشيخوخة فتأكل معها ورقة أحلامنا الحلوة التي كتبناها معا بدموعنا ومزجناها بحبنا
* * * *

لقد أبصرتك اليوم قفزتَ على عتبة المائة سنة وما زلتُ أرى في وجهك تجلّدًا وأملاًً ,

ها هي السنون نحتت آثارها على وجهك ونفشت أحزانها على صدرك , ونشرت تجاعيدها على بدنك . 

هذا سمعك ضعف تماما بل أراه اليوم اختفى بريقه وغاب طنينه .

وصار المتكلم يصرخ في أذنك لكن دون جدوى, وهذا بصرك ارتدَّ إلى الوراء كليلا , فصرتَ لا  تعرف من هم حواليك .

لكنني يا جدي سأعذرك لأنك صاحب المائة !!.

* * * *

يا جدي لن أنس حبك الكبير الذي غمرتني به,لن انسَ لك حسن ادبك وتربيتك لي,فقد كنت لي نعم الاب والصديق,سقيتني تجاربا من عمرك ومزجتَ لي في الكاس الحب بالامل,اني اذكر ياجدي عندما كنتُ صغيرا احتضن يدك ونمشي سوياً وكنتَ دائما تسبقني, واليوم عندما هرمتَ صارت يدك المرتعشة في يدي تتقوّى بها على المشي,آهٍ ياجدي لقد ضعفت قواك وصارت تتهادى بين احلامي,لن انسَ حبك لاغنامك ,كنتُ استمتع صغيرا وانا اراك بينهن,وكنتُ اتعجبُ من حبِّ اغنامك لك,حقاً لقد زاحمنني في حبك! اذا سمعن صوتك اقبلن مسرعات بلهفة!وعندما انادي عليهن بصوتي الصغير::لايعبأن بي! فصرتُ أتسآل:ماالذي جعل صوت جدي لهن محبّبا؟

وانتزعتُ الاجابة من افواههن:إنها الرحمة التي عطفت قلوب الاغنام على جدي,لقد حسدتُ هذه البهائم على حبك حتى صارت من اعز اصدقائك

****************

لن انسَ دلالك لي حتى قلتَ لي كثيرا : أنا أحبك أكثر من أولادي, لا أدري يا جدي لماذا أنت اليوم عشقت الصمت الطويل ؟ وإن جلستَ أحيانا من فراشك أقبلتَ على صلاتك لقد كنتُ أراك تصلي جالسا في بيتك الصغير الذي لم تفارقه لسنوات خلت .

عندها حمدتُ ربي على نعمة الشباب الذي اتقلب اليوم بين أحضانه ,ولعلي سأذكر نعمة الشباب إذا صرتُ مثلك !! 

لقد فقدتَ سمعك يا جدي تمامًا غير أني إذا لوّحت بيدي إلى الصلاة وقفتَ مسرعًا تصلي حقًا ما أجمل هذا الثبات , نعم أنت صاحب المائة وتحافظ على صلاتك .

وأراك دائمًا تشير بسّبابتك , نعم أنها الراية التي تحلّق بها في سماء التوحيد .

* * * *
يا جدي في صدري اليوم الكثير من الأسئلة وانتظر بفارغ الصبر منك الإجابة .
لكن قلبي ينزف دمعًا لأن سمعك أغلق بابه إلى الأبد !! وكلما طرقتُ الباب مرارا لم يفتح لي فبقيتْ أسئلتي حبيسة في أدراج قلبي يعلوها غبار الأسى أرقبُ لها فجرًا جديدًا لن أنس لك يا جدي الحب الكبير  الذي أمطرتني به أثناء غربة أبي حتى أنسيتني مرارة الغربة .
* * * *
يا جدي الغالي : هل تذكر عندما أصبتُ بالرمد في عينيّ , أسرعتَ بي إلى الأطباء حتى سافرتَ بي إلى المكلا عندما علمت وجود أطباء  مهرة فيها .

ولكن دون جدوى , غير انك لم تيأس وأسرعتَ بي إلى الحجّام وطلبتَ منه أن يحجم لي ولمّا أبصرني صغيرا ورأى طفولتي تلعب بين يديه , خاف عليّ من الحجامة , وقال : إنه صغير إنّ عمره لم يتجاوز الثاني عشرة سنة لكنكَ بقيتَ مصرًّا حتى حجم لي لأنك تعلم أنّ في الحجامة الشفاء كما أخبر بذلك خير الخلقr ودارت رحى الأيام والمرض يخنق عينيّ حتى لا أكاد افتح عيني من شدة المرض وعمّ الاحمرار وطفح على بياض العين .


ولمّا وصفوا لك أطباء في صنعاء عزمتَ مجددًا للسفر إلى صنعاء وعمري ثلاث عشرة سنة عجبا لك يا جدي , انك رجل متفاؤل لم تترك لليأس منزلا في قلبك إلا هدمته .


وعندما وصلنا صنعاء ودخلنا غرفتنا أسرعتُ للنوم على السرير, لأني لم أنم من قبل قط على سرير , فحذّرتني من السقوط فقلتُ لك بإصرار وإعجاب الولد المشاكس :لن أسقط أبدا , ولمّا أبحرتُ في النوم لم أشعر بنفسي ألا أسقطُ من أعلى السرير متألمًا من وجع في ركبتي , فقلتَ لي مواسيا , ألم أقل لك أني أخاف عليك من السقوط ؟!!.


أشكرك يا جدي على حبك , لقد تعلمتُ من هذا السقوط المبكر دروسا في حياتي وهي عدم العجلة والتهور في عمل أي شيء قبل بلوغ أدواته وأسبابه .

ودلفنا عند الطبيب وأخذتُ الدواء وأشرفتَ على  تناول دوائي عند نومي ولما رأيتَ تباشير العافية في عيني حمدتَ الله كثيرا .

وذهبنا من الغد إلى المطار ولمّا دخلنا ذلك المطار الكبير , اكتشفنا أننا نسينا جوازاتنا فرجعتَ مسرعا للوراء  ولمّا وصلتَ أخبرنا الموظف أنّ الطائرة إلى حضرموت قد غادرت قبل قليل .

رجعنا وعلى وجوهنا الأسى , سامحني يا جدي فأنا ما زلتُ صغيرا وأنت شيخ كبير .

وفي يوم جديد عزمنا على السفر ووصلنا المطار في عجل ورجعنا للأسف للمرة الثانية .

فكدتُ أبكي شوقا إلى بلدي وحبًا في لقاء الأحبة ,ولم تمضِ أيام حتى حطّت قلوبنا في بساط مدينتنا الجميلة انها مدينة شبام.

* * * *
يا جدي هذه كلماتك أقطفها من عنقود التجارب ,إني تركتُ لقلبي أن يمرح وأن يطير محلّقا في سمائك, وسمحتُ لأجنحتي أن تعزفَ عند لقائك فمضى قلبي يسمعك أنغاما من وتره ويهديك ألحانا من شجنه . 
* * * *

يا جدي إني عشقتُ القصص والحكايات التي رويتها لي فقد اتحفتني بشجاعة صالح بن حبيب بن علي جابر, وبطولات السلطان القعيطي علي بن صلاح, وأضحكتني بنوادر أحمد بركات الشبامي, وسمعتُ منك شعر سعد السويني وأضحكتني بأحكام (( قريقوش )) ومن هذه القصص التي علقتْ بذاكرتي ,قصة ذلك الرجل الحضرمي البسيط وقد نوى الحج وطلب من أمه أن تكثر من هذا الدعاء : (( اللهم نفّق البضاعة في الحج )) فأكثرت المسكينة من هذا الدعاء ولم تعرف مغزاه , فلما وصل ابنها إلى الحج توفاه الله في ذلك المكان الطاهر محرما , فلما علمتِ الأم صرخت فقال لها الناس : لقد استجاب الله دعاءك في ابنك ونفقت البضاعة وتقبلها الله بقبول حسن .


ومن الحكايات الجميلة أيضا : أنّ رجلا غنيًّا له ابن وحيد فأراد الأب أن يطمئنّ على حياة ولده قبل موته , وأراد أن يختار له الزوجة المناسبة التي تكرمه ولا تطمع في ماله , فزّوج ابنه الزوجة الأولى: وذات يوم نادى على ابنه , فأقبل الولد مسرعا , فقال له الأب : احمل هذا الجذع من الشارع وأدخله بيتنا , وكان الجذع ثقيلا فحاول الابن تحريكه فعجز وخارت قواه , فلما رأته زوجته ضحكت وسخرت منه , فدعا الأب ابنه وأمره أن يطلّق زوجته , ثم زوّجه بالثانية: وعمل نفس الاختبار , دعاه إلى حمل الجذع فلما رأته الزوجة الثانية : وقفت ضاحكة من زوجها فامره بتطليقها, ثم زوجه بالثالثة :ودعاه إلى حمل الجذع وحاول الابن فعجز فصاحت زوجته وخرجت مهرولة من بيتها ومدّت يدها قائلة : سأحمل معك لن أدعك أبدا وحدك تحمل هذا الجذع الثقيل , سأطعم المرَّ كما طعمت, فلما رآها أبوه وعلم صادق حبها , قال له : هذه المرأة الحقيقة التي ابحث لك عنهامنذ زمن وقد وجدتها اليوم , أنها امرأة مخلصة تكافح مع زوجها وتكون سندا له في الملمات, هذه المرأة الناجحة تستحق أن تكون لك شريكة الحياة !!.    

* * * *

لستُ أدري يا جدي من أيِّ الجهات أيممُ ساحلك ؟ وبأيِّ جناح أطير إلى عليائك ؟ وبأي اقدام أهبط إلى ساحتك ؟

جيمك يا جدي جود لا ينقطع , ودالك دواء لآلامي , وياؤك ياسمين الأمل اتضمخُّ به في حياتي .

* * * *

هل تذكر يا جدي عندما كنتُ أمشي معك صغيرا كنتَ دائما تسبقني وأعجزُ عن ملاحقتك واليوم قد انحنى قوس قوتك وأكل الزمان منسأة صحتك حتى صرت تمشي على ثلاث وتسير الهوينا وتسحب جسما ثقيلا كأنك حملت أثقال السنين كلها على عاتقك .


هل تذكر عندما تصحبني في زياراتك , كنتَ تجلسني على فخذيك إذا رأيتَ زحمة الركاب والصقُ ظهري بصدرك , ليتكَ اليوم صلباً فاسند لك همي وحزني , ليتك اليوم تقرأ عبيري وتسمع أريجي, فإني انثرُ للدنيا مقامات من أشواقنا وأسطُّر لها ملاحمًا من حبنا.

* * * *

يا جدي يا خير الرفاق , وبحر الأشواق , حبك لي كالبلسم الترياق, وأنفاسك رقيقة تعانق مني الأحداق .

يا جدي حبك إلى قلبي يسرى , ودمعك في خدي يجري, وروحك في كفي تسمو , وذكرك في أفقي يعلو .

يا جدي لحبك غنّت حروفي ولمدحك انشدت سطوري , ولمجدك ترّنم سروري ,أنت أول صفحة من حب ترفرف في قلعة قلبي, أنت أول كلمة من عطاء أورقت في سطوري, أنت أول دمعة  حنان تدفقت من عيني, أنت أجمل ضحكة هانئة ابحرت كالزورق في وجداني .

أنت أول لبنة من أمل تبني طموحي, أنت أجمل نجمة تفاؤل أضاءت في سمائي ,يا جدي أنت حبي الأول , بل أنت دائما حبي الكبير .

* * * *

يا جدي إني أطرب الزمان من نشيدك وأعطر الآفاق من أريجك , وأروي الفلوات من قصصك , واسرج الدجى من كرمك , وأزفُّ للدنيا شهدا سلسالا من أحلامك .

يا جدي ها أنا اليوم أعيش كالسيف فرداً,ها هي غيوم الأحزان تلّبد سمائي .

ها هي أرضي أغبرت بالأسى وانزعجت بالشجى .

ها هي أحلامي تكّدرت مياهها وتكّسرت آمالها وغاصت أشواقها .

******************
ياجدي : يقولون ان اليتيم من فقد الاب, لكنني ابأسُ يتيم إن فقدتُ قلبك ,إني مهيض الجناح ‘إن حرمتُ حبك,يقولون سقيماً من فقد الصحة وأنا السقيم إن غابت شمسك وانمحى ضوءك, يقولون فقيراً من عدم المال وانا الفقير إن فقدتُ صدرك وحرمتُ وجهك, يقولون اسيرا من فقد الحرية وانا الاسير إن فقدتُ فجرك وحرمتُ املك
* * * *
حسن الختام

وفي نهاية الأشواق أمسكتُ بزمام القلم واقتلعتُ أشواك الألم , ووقفتُ أدعوا الله كثيرا أن يرزقك حسن الختام, أراك يا جدي -كثيرا إذا جلستَ من فراشك رفعتَ يديك تحلّق بهما في ملكوت الدعاء وتضرّعتَ إلى مولاك بخوف ورجاء ,حقا أنا لا أعرف بماذا تدعو؟؟

لكنني أجزم بأنك تلحّ على الله ألا يحرمك برد الختام .

أنني أتذكّر يا جدي كلمتك وقد هممتُ بالسفر يوما فقلتَ (( لا تسافر حتى تدفنني)) 

يا جدي : أنا إن دفنتُ جسدك , فلن أدفن أبدا حبك , بل سيبقى حبك رفيقا في دربي حتى أصل يوما إلى جدثي لعلّي أسمع غدا لسان الدهر متعجبا : (( لم نرَ حبًا مثل هذا الحب )) .

سيبقى حبك يا جدي نبض قلبي ما حييت يسقيني كلما عطشتُ, ويقوّيني كلما ضعفت سيبقى حبك خالدا سرمديا في قلبي ما عشت !! 

عسى الله أن يجمعنا غدا سويا في جنات النعيم برفقة خير المرسلين.

 آمين

كتبه 

ابوسعد النشوندلي
حضرموت



.

كلمات لها قلب ينبض بالحياة


                                

أحمد محمد عبد المنعم عبد الله أبو يس

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

مقدمــــــــــــــة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم...بتوفيق الله تعالى أتممنا هذه الكلمات... ونأمل من الله تعالى أن تكون مفيدة...

وهي عبارة عن عشر كلمات...كل كلمة هي عبارة عن مقالة صغيرة جداً تتحدث عن شيء كبير في كلمات صغيرة جداً...وتتحدث عن موضوعات مهمة في حياتنا...نناقشها بطريقة بسيطة ونسأل الله عز وجل أن تكون مفيدة وأن يوفقنا الله في تقديم المزيد..

نسألكم الدعاء بظهر الغيب لنا ولكل مسلم....وجزاكم الله خيراً...وجازى الله كل من نشر هذه الكلمات خيراً...

الراجي رحمة ربه وعفو ربه
أحمد محمد عبد المنعم عبد الله
ليسانس أصول الدين – جامعة الأزهر- قسم تفسير وعلوم القرآن

الكلمة الأولى (بر الأمان في الدنيا والآخرة)
الكلمة الثانية (النظرة الصحيحة للحياة الزوجية)
الكلمة الثالثة(الاختيار الصحيح)
الكلمة الرابعة ( صحتك هي رأس مالك)
الكلمة الخامسة(المرأة هي عنوان كل شيء)
الكلمة السادسة(لماذا نحزن؟)
الكلمة السابعة(البداية الحقيقية لك)
الكلمة الثامنة(الزواج السعيد يكون على كتاب الله وسنة رسوله)
الكلمة التاسعة(العلم نور الحياة)
الكلمة العاشرة(تمهل ولا تتسرع في اتخاذ القرارات)
 



الكلمة الأولى (بر الأمان في الدنيا والآخرة)

إذا أردت أن تبحث عن الحياة فأبحث عنها في الإطار الذي وضعه خالقها.. وتأمل في مخلوقاته وتأمل عظمته في خلق الأشياء وتسائل دائماً.. هل الحياة هي المال والمتعة الوقتية.. إذا فعلينا أن نعيد التفكير في كل ما يلزمنا من الحياة الدنيا كي نعيش في الجنة التي هي حياة أبدية وهي من أهم سمات الحياة الأخروية ..وعلينا الحذر من النار.. والتي هي أيضا من سمات الحياة الأخروية.. إذا فعلينا أن نبحث عن كل سعادة توصلنا إلي بر الأمان في الدنيا والآخرة .. إذا فالحياة الحقيقية ليست هي التي نعيش فيها الآن ولكن الحياة التي نعيش فيها الآن .. فهي فرصة متاحة للإنسان كي يختار حياته القادمة \"الأخروية\" .. إذا فطاعة الله هي النجاة والاختيار الصحيح .. ومعصية الله هي الاختيار الخطأ .. ليس لدينا اختيارات أخرى .. فماذا نختار؟؟؟
 



الكلمة الثانية (النظرة الصحيحة للحياة الزوجية)
 
الحياة الزوجية ليست كما يظن البعض أنها حياة غير سعيدة ومتشبعة بالسعادة .. بل هي عنوان للتعاسة بل هي كل شيء غير مستقر .. وهي من أهم أسباب التعاسة التي يتعرض لها الإنسان على مر أيام عمره .. هذا تفكير خاطئ وناتج عن أفكار وعادات وتقاليد بعيدة عن الدين الإسلامي الذي علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. إذا فعلينا أن نعترف أن هناك فهم خاطئ للحياة الزوجية .. وإذا كانت فيها تعاسه للإنسان .. إذا لماذا قال عنها رب العباد أن بها مودة ورحمة؟؟ .. إذا فهناك حلقة مفقودة عند كثير من الناس في هذه المسألة .. بل علينا أن نتأمل حال شاب اتقى الله وغض بصره.. وحينما وصل إلي سن مناسب وكان لديه إمكانيات للزواج .. تقدم إلي فتاة تحمل نفس الصفات وكانت غاضة لبصرها وتتقي الله .. فنجد أن السعادة هنا.. في اتقاء الله .. والتقرب إلي الله بما أحله الله.. إذا فالسعادة في اتقاء الله .. وبعدها تأتي السعادة الحقيقية التي وصفها الله في كتابه.. وعاش فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كانت الحياة العادية أو الحياة الزوجية .. فغير معقول أن نعيش كما أراد الله وبالطريقة التي أحلها الله ونجد التعاسة .. إذا فالتعاسة الحقيقية في مخالفة أمر الله في عدم غض البصر.. وخلافه من المحرمات .. وإذا بنا نتزوج ونعاني .. ذلك لأننا لم نتقي الله منذ البداية.. ولم نعيش كما أراد الله .. وإذا عدنا إلي ما أراده الله.. سيكون هذا سبيل إلي السعادة وإذا لم نعود .. فلا نلوم إلا أنفسنا على تقصيرنا في حق الله. 
 



الكلمة الثالثة (الاختيار الصحيح)

إذا كان لديك أكثر من شيء تختار من بينهم شيء إذا فأنت في حيرة كبيرة .. وقد تصيب في اختيارك وقد تخطأ.. أما إذا درست الأبعاد وراء كل اختيار فأنت ستجد حتماً الاختيار الصحيح .. وإذا كنت تختار بين أمرين أو شيئين إذاً فالأمر أسهل من الاختيار بين أكثر من شيئين .. لأنك ستختار شيء من الشيئيين .. وإذا كانت الاختيار بين السكر والملح .. فبالطبع أنت ستختار السكر .. والباحث وراء الاثنين.. سيجد أنهم السم الأبيض .. لان الاثنين لهم لون واحد ولكن يختلف كل منهما عن الأخر .. فالسكر حلو الطعم والملح مر الطعم .. ولكن الأضرار الناتجة من الإفراط في تناول السكر أو الملح كبيرة جداً .. ومثل أخر إذا قيل لك أختار أن تذهب إلي المكان الفلاني.. ولديك اختيارين.. بين أن تذهب ماشياً على قدميك وتصل بعد عدة ساعات أو أن تذهب بسيارة خاصة وتصل في عدة دقائق .. بلا شك ستختار السيارة لان الإنسان دائماً يبحث عن الراحة .. وإذا كان الاختيار بين حياة وحياة .. الأولى نعيم وراحة وسعادة والأخرى عذاب ونار وشقاء .. فماذا ستختار؟؟ .. كما أن في الحياة اختيارات تستطيع أن تفاضل بينهم.. وتختار إذا من باب أولى التفكير فيما بعد الموت .. في حياتك القادمة في الدار الآخرة.. الحياة الأبدية الحياة الباقية أما الدنيا فسنبقى فيها فترة ومهما طالت فهي إلي نهاية .. فأختار هل تحب الراحة والسعادة والنعيم فأختار الجنة وابحث عن كل ما يقربك منها .. وإذا كنت تحب التعاسة والشقاء والعذاب فإذا اختيارك كان النار وندعوا الله أن يهديك ويهدينا جميعاً.
 



الكلمة الرابعة (صحتك هي رأس مالك)

أنت شاب في مقتبل العمر .. من داخل بطاقتك الشخصية استشفينا هذه المعلومات ولكن إذا نظرنا إلي حالتك الصحيحة سنجد انك في بداية الشيخوخة.. إذا سمعت هذه العبارات سنجدك في حالة فزع شديدة.. وتصرخ وتقول انظر مرة أخرى إلي بطاقتي الشخصية ..سنجد أن عمرك يتراوح من 20 إلي 30 عاما أو 35 .. وسنجد انك في سن الشباب .. ولكن هناك بيان ناقص في بطاقتك الشخصية .. انك مدخن .. إذا أنت بدأت منذ فترة في تدمير مرحلة شبابك بنفسك .. دمرت أحلى الأوقات التي كان من الممكن أن تستمتع بها وأنت في مرحلة الشباب .. أنت حرمت نفسك من المتع المختلفة التي أحلها الله لك .. ومنها الاستمتاع بزوجتك جنسياً.. ومنها الاستمتاع بممارسة الرياضة والاستمتاع بالصحة بوجه عام.. أثناء صعودك السلم وأثناء شغلك وفي كل ثانية من عمرك وأنت تستمتع بهذا الشباب من سن 5 سنوات وأنت طفل لديك الصحة إلي أن تصل إلي أل 15 وريعان الشباب.. والبداية إلي أن تصل إلي سن أل 50 بسلام وأنت بكامل قواك .. هكذا خلقك الله ومع بداية أل 50 إلي 60 أو بداية أل 40 إلي أل 60 و أل 70 تعيش حياة كريمة مع ما بقى لك من القوة .. إما في حالة كونك مدخن ستصل إلي سن 70 وأنت في سن أل 40 ..وفي سن أل 50 و أل 60 ستصل إلي سن أل 100 وال 120 فماذا تحب أن تكون؟؟؟ وأضف إلي ذلك انك تغضب رب العالمين لأنك تعصيه بما أعطاك .. ولم تحافظ على أكبر نعمة وهي نعمة الصحة .. فراجع نفسك أولاً التدخين حرام حرام حرام وأسأل في دار الإفتاء.. وثانياً كي تستمتع بكل ما وهبك الله به إلي أن يشاء الله. 
 



الكلمة الخامسة (المرأة هي عنوان كل شيء)

إن المتأمل في العلاقات الزوجية سيجد أنها ينقصها السعادة..وإذا تأملنا وقرأنا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه من الصحابة والتابعين.. سنجد أن حياتهم الزوجية كانت سعيدة..فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان خير زوج وزوجاته خير الزوجات ومنهم أخذنا أفضل مثال ونموذج للحياة الزوجية السعيدة..فإذا كان قدوتنا يعيش في كل هذه السعادة ورسم لنا طريقاً نمشي عليه..فلماذا لا نطبق هذا في بيوتنا..المرأة هي عنوان السعادة وهي أيضا عنوان التعاسة..فنوجه رسالة إلي كل مرأة.. متزوجة صغيرة و كبيرة..أم أو جدة..هيا لنطبق أسلوب حياة رسول الله في حياتنا..المرأة هي التي تسعد زوجها بالكلمات الجميلة الرقيقة..وهي التي تجعل حياة زوجها جحيم..فلماذا التعاسة وفي أيدينا السعادة..لماذا والحياة أوقات قليلة ونفارقها فلماذا نفارقها ونحن تعساء..الجنة لمن؟؟.. لمن يظلم ويسرق ويعامل الناس معاملة سيئة.. ولا يتقي الله ويتعس الآخرين؟؟.. أم لمن يتقي الله ويسعد الآخرين ولا يظلم ولا يفعل ما يغضب الله..فهيا يا كل إنسانه إلي حياة زوجية سعيدة..وأنت أيها الزوج ساعدها لتكون زوجة صالحة ..ولتكون الحياة دائماً سعيدة.
 



الكلمة السادسة (لماذا نحزن؟)

لماذا نحزن؟؟.. والحياة بما فيها لا تحتمل هذا الحزن.. بل تحتاج الأمل والتفاؤل حتى تمر الحياة بسلام..لا تحزن حتى تستطيع أن تكمل مسيرة حياتك..لماذا تحزن ؟؟ وهل هناك شيء يستحق أن نحزن من أجله..الحزن والندم وجهان لعملة واحدة..فإذا كان الحزن والندم فإنه سوف يكون فقط.. على العمر الذي فات بلا هدف..على أيام الطاعة التي ضاعت...على عدم تحقيق الهدف من الحياة وهي عبادة الله...الحياة صعبة ونجد فيها مرارة..وإذا تأملنا هذه الصعوبة وهذه المرارة سنجد أننا سبب فيها..لان الصعوبة تأتي بالابتلاءات والابتلاء لا يأتي إلا بالذنب ونحن من نجني ثمار ذنوبنا بالابتلاءات إذا علينا أن نتفاءل ولا نتشاءم ونتفهم الحياة...ما نحن فيه ليس إلا من كسب أيدينا فعلينا الصبر والدعاء والتوبة إلي الله...وعلينا ألا نحزن لان ما نحن فيه نحن سببه فعلينا أن نحسن من أنفسنا ونتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في المحن و الصعاب حتى تمر مسيرة حياتنا بلا أمراض نفسية تصيبنا نتيجة التفكير المزمن والمتشائم في نفس الوقت..إذا فإن فكرنا في الحزن فإنما لنصعد ونرتقي لا ننخفض وننتكس..نحن على كل ثانية فاتت بلا طاعة لله ونحاول تعويضها ف الأوقات التالية..لكن نحن على مال أو وظيفة أو منصب أو أو أو فننا نحزن على دنيا..والحزن ليس من صفات المسلم ولكن المسلم هو مصدر الابتسامة والسعادة مهما كان داخله..إذا لا تحزن فلك رب كريم يدبر الكون ويرزق ويغفر ويعفو فتمسك بدين الله حتى تلحق بالسعادة في الدنيا والآخرة وتفوز بالجنة.
 



الكلمة السابعة (البداية الحقيقية لك)

في أغلب الأوقات نتحدث عن كل شيء ولكن من منا يتحدث عن أهم شيء وعن أهم حقيقة في الكون.. إن المتأمل في الحقائق سيجد أن الحقيقة الملموسة في الحياة هي الموت.. كما أن الحقيقة الغيبية التي يؤمن بها كل مسلم موحد هي وجود الله سبحانه وتعالى.. إذا فلماذا نترك جانب الحديث عن أهم شيء في الكون.. إذا فناك شرود في التفكير وبٌعد عن الواقع .. لان الإنسان الذكي هو من يطرح الفكرة وينميها ويبدأ في رسمها ورسم نهايتها حتى تكون هدف وإذا وصل إلي الهدف كانت النهاية.. إذا فالنهاية في الدنيا هي البداية في الآخرة والآخرة هي الحياة الأبدية إذاً فالتفكير فيما هو قادم وما بعد النهاية في الدنيا هو تفكير صحيح 100 % لأنك ستختار البداية الحقيقية لك في الحياة الأبدية.. أما نعيم وأما شقاء وعذاب , فأبدأ من الآن واختار بداية الحياة الأبدية وأختار نهاية للحياة الدنيا .. إذا كنت تعمل عملاً صالحاً إذاً بفضل الله سيكتب لك النهاية السعيدة وحسن الخاتمة ونهاية سعيدة للدنيا وبداية أسعد للآخرة .. أما إذا كنت تعمل عملاً غير صالح إذا أنت تختار أسوء نهاية في الدنيا وأسوء بداية في الآخرة والعياذ بالله ورحم الله كل المسلمين آمين .. إذا حان وقت الاختيار قبل فوات الأوان.
 



الكلمة الثامنة (الزواج السعيد يكون على كتاب الله وسنة رسوله)

دائماً ما نبحث داخل بيوتنا عن السعادة .. ونجد في كثير من الآراء أن الزواج ليس له علاقة بالسعادة..بل هو التعاسة .. أو الروتين الممل اليومي لكل متزوج ومتزوجة بالإضافة للمسؤوليات والالتزامات والأزمات والمصروفات و و و.....ولكن تجاهلنا معنى بسيط في هذه العلاقة..أن المتزوج يتزوج على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ما يحدث انه لا يطبق هذا المنهج في بيته..فبالتالي يجد التعاسة شيء طبيعي وإذا عاد للعهد الذي أخذه عند بدأ عقد الزواج انه تزوج على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطبق ما في كتاب الله وطبق سنة رسول الله لعادت حياة هذا الإنسان سعيدة وسيتغير مفهومه ومفهوم كل من يسلك نفس الطريق .
 



الكلمة التاسعة (العلم نور الحياة)

الإنسان في هذه الحياة لابد أن يعرف أشياء كثيرة .. بعضها مفيد له والبعض الأخر ضار .. فعليه أن يتعلم ما يفيده وينفعه ويتخذ لنفسه من هذه الأشياء النافعة عناوين لأخلاقه وأفكاره وحياته ومشاريعه .. وعليه أن يتعرف ولو للعلم بالشيء عن الأشياء الضارة ليتعرف على ضررها .. ولكي يحذر منها الآخرين ولكي ينال من ثواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. ولكن هناك فئات من الناس .. تتنكر للمعرفة وتعتبرها بلا فائدة .. على العكس تماماً ..فالعلم يفيد الإنسان .. إن كان صالح ومفيد فإنه ينتفع به الإنسان وينفع غيره .. وأيضا معرفة الأشياء الضارة مفيدة .. المعرفة لتمام المعرفة وليس المقصود بالمعرفة أن يجرب الإنسان بنفسه الأشياء الضارة حتى يتأكد أنها ضارة ... بلا ... ولكن الإنسان عليه أن يعرف الضار ليبتعد عنه ويعرف النافع والصالح ليتقرب منه ويطبقه في حياته .. فمثلا إذا قرأ إنسان كتاب في الدين أو الطب أو الثقافة المفيدة .. هذا علم نافع فهو انتفع به .... وبنقل الإنسان للمعلومات النافعة في هذه الكتاب للآخرين فإنه ينال الثواب ..وأيضا إذا نصحهم باقتناء الكتاب سينال من الأجر بإذن الله .... وعلى الإنسان أن يعرف أضرار الأشياء كمثلاً ضرر التدخين .. فإذا علم الإنسان الضرر كان له وقاية من الوقوع فيه .... وكان له أيضا علم نافع يخبر به الآخرين ليحذرهم من خطورته .....ويحاول أن يبعد من دخل في الدائرة السوداء للتدخين أن يصعد إلي الدائرة البيضاء الخالية من الأمراض لان التدخين قتل للنفس ..وقتل نفس بغير نفس حرام شرعاً .. والأمثلة النافعة كثيرة وأيضا الضارة فعليك أيها الإنسان أن تتعلم كل العلم وتنتفع بما يفيدك وينفع الآخرين وتترك ما يضرك وتحذر الآخرين من ضرره.
 



الكلمة العاشرة (تمهل ولا تتسرع في اتخاذ القرارات)

إذا كنت بعيد النظر فعليك أن لا تتسرع في اتخاذ القرارات .. فقد تتخذ قرار وأنت متسرع ويقال عنك .. هذا إنسان سيء لا يقدر الأشياء التقدير الكافي لكي يتخذ قرار سليم .. والمشكلة الحقيقية تكمن في التسرع في اتخاذ القرارات قد تكون أنت بعيد النظر.. وتدقق و تقدر الأشياء وتتمهل قبل اتخاذ أي قرار .. ولكن الغالبية غير ذلك .. الغالبية للأسف متسرعة .. في كل شيء .. في الانفعال والفرح والهرج وغيرها من التصرفات التي نأخذ فيها قرارات .. قد تكون حاسمة مثل التسرع في الطلاق ..التسرع في الألفاظ الخاطئة وقد تكون هذه الألفاظ تخرج الإنسان من عقيدته الإسلامية .. فالتسرع في اتخاذ القرارات وفي بعض التصرفات قد يخرج بالإنسان من إطار المسلم الحق .. الذي يملك نفسه عند الغضب.. والذي يتخذ قرارات صحيحة تظهر لنا انه مسلم ودائماً التمهل في اتخاذ القرارات هو السبيل إلي القرارات الصحيحة بعد دراسة أبعادها ... وهذا لا يعني أن المبادرة إلي الخير من هذه القرارات .. ولكن تحتاج هذه المبادرات إلي مسلم يحب الخير .. كمساعدة الكبير في حمل الأشياء و زيارة المريض واليتيم والأقارب ... هذه ليست قرارات بل واجبات على كل مسلم يريد لنفسه النجاة في هذه الدنيا.. وقد ينظر الناس لك أيها المسلم الغير متحكم في أعصابك وتصرفاتك انك همجي ومتهور .. فهيا نظهر إسلامنا في أخلاقنا وتصرفاتنا ....... كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.


****
تم بحمد الله تعالى

وفي ختامة هذه الكلمات.. لا نملك إلا أن نقول الحمد لله الذي وفقنا في كل حرف ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا وأن يديم علينا العلم الصحيح والبصيرة في كل خطوات حياتنا


.

رسالة ابن القيم "الشامي" لأهل الشام


                                        
إبراهيم الدميجي

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد:

فهذه كلمات علم من أعلام الإسلام كتبها نصحاً لأمته ولا نزكي على الله أحداً, وقد وفق أيما توفيق في توصيف العلة والعلاج,وهذا الكلام منه رحمه الله رسالة لكل مجاهد في سبيل الله يبتغى النصر مظانّه, قال في (إعلام الموقعين: 122): في تعليقه على كلام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه :"فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله ".


( هذا شقيق كلام النبوة ، وهو جدير بأن يخرج من مشكاة المحدث الملهم ، وهاتان الكلمتان من كنوز العلم ، ومن أحسن الإنفاق منهما نفع غيره ، وانتفع غاية الانتفاع : فأما الكلمة الأولى فهي منبع الخير وأصله ، والثانية أصل الشر وفصله ;فإن العبد إذا خلصت نيته لله تعالى وكان قصده وهمه وعمله لوجهه سبحانه كان الله معه; فإنه سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، ورأس التقوى والإحسان خلوص النية لله في إقامة الحق .

والله سبحانه لا غالب له ، فمن كان معه فمن ذا الذي يغلبه أو يناله بسوء؟ فإن كان الله مع العبد فمن يخاف ؟ وإن لم يكن معه فمن يرجو ؟ وبمن يثق؟ ومن ينصره من بعده ؟ فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولا ، وكان قيامه بالله ولله لم يقم له شيء ، ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها، وجعل له فرجاً ومخرجاً ; وإنما يؤتى العبد من تفريطه وتقصيره في هذه الأمور الثلاثة ، أو في اثنين منها ، أو في واحد.

فمن كان قيامه في باطل لم ينصر ، وإن نصر نصراً عارضاً فلا عاقبة له وهو مذموم مخذول ، وإن قام في حق لكن لم يقم فيه لله وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق أو التوصل إلى غرض دنيوي كان هو المقصود أولا ، والقيام في الحق وسيلة إليه ، فهذا لم تضمن له النصرة ; فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله ، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، لا لمن كان قيامهلنفسه ولهواه ، فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين ، وإن نصر فبحسب ما معه من الحق ; فإن الله لا ينصر إلا الحق ، وإذا كانت الدولة لأهل الباطل فبحسب ما معهم من الصبر ، والصبر منصور أبدا ; فإن كان صاحبه محقا كان منصورا له العاقبة ، وإن كان مبطلا لم يكن له عاقبة ، وإذا قام العبد في الحق لله ولكن قام بنفسه وقوته ولم يقم بالله مستعينا به متوكلا عليه مفوضا إليه بريا من الحول والقوة إلا به فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك ، ونكتة المسألة أن تجريد التوحيد في أمر الله لا يقوم له شيء البتة ، وصاحبه مؤيد منصور ولو توالت عليه زمر الأعداء .
قال الإمام أحمد حدثنا داود أنبأنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد عنابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت : من أسخط الناس برضى الله عز وجل كفاه الله الناس ، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله إلى الناس) .

اللهم فتحاً قريباً ونصراً عاجلاً يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا رب العالمين.


.
 

ألــم و آلام



م. عبد اللطيف البريجاوي


الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد: 
جاءتني تطلب الطلاق بعد سبع وثلاثين عاما ....!! 
وعندها من الأولاد تسعة... !!! 
خمس من الذكور وأربع من الإناث....!!! 
وعندها من الأصهار أربعة ومن زوجات البنيـن ثلاثة...!!!! 
وعندها من الأحفاد عشرة ....!!!!! 
أما السبب فإنها لم تستطع أن تتفاهم معه ...!!!! 
قلت لها كم بقي من العمر هلا انتظرت خمس عشر سنة أخرى لعل الله يحل هذه المشكلة بينكما بوفاة أحدكما . 
فأجابت مستطردة لم أعد أحتمله ولا أستطيع التفاهم معه ..... 
قلت سبحان الله هذه إحدى المشاكل العديدة والمتنوعة في المجتمع ثم جلست أفكر بهذه القصة وتراودني أسئلة كثيرة 
ألم يستطع أحد الزوجين أن يخفض جناحه للأخر؟؟؟ 
ألم يستطع الزوجان أن يجدا نقاطا مشتركة يسيران عليها في حياتهما ؟؟؟ 
ألم يستطع الزوجان أن يبتعد كل واحد منهما عما يزعج الآخر ؟؟ 
ألم يتدخل الأولاد والبنات والأصهار في توضيح الصورة للزوجين ؟؟؟؟ 
ألم ......ألم ......ألم .......حتى أصابني من هذه الأسئلة ألم ... 
ثم رحت أكبر الصورة الاجتماعية شيئا فشيئا حتى تشمل المجتمع المسلم كله فرأيت أن المجتمع المسلم كله بأطرافه المختلفة يشبه هذه الأسرة الممزقة . 
نشتم نقذف نتشاجر نحسد نبغض نتفاخر 
وكل منا يتهم الآخر 
هذا هو حال المسلمين لا أحد يستوعب الآخر ولا أحد يرى الفضل للآخر فكل واحد بدأ الإسلام من عنده و لربما فكر بأنه سينتهي عنده 
مع أن الاسلا م وجه إلى الاعتراف بفضل الآخرين وذلك نلمسه واضحا وجليا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين "البخاري 
فانظر كيف اعترف الرسول الكريم بالبناء كاملا ولم يحقر هذا البناء إنما جاء مكملا له ومتمما وأنه مجرد لبنة ولبنة واحدة فقط .! 
وكل مسلم هو حلقة من سلسلة من الحلقات فلا بد أن يعترف بالحلقة التي قبله ويمسك بالحلقة التي بعده حتى تصبح هذه الحلقات متينة وقوية 
وهذا الحديث يعطينا كيف نتواضع لجهود الآخرين وإن لم تبلغ الكمال وإن لم تنجح وكانت في طريق النجاح وكم نحتاج إلى هذا فهاهو النبي الكريم يعترف بجهود من قبله متواضعا لهم مع أن جهودهم لم تبلغ الكمال ولم تصل إلى الدرجات العلى . 
فكم نحن بحاجة إلى الأرضية التي ننسج من خلالها احترام الآخر والاعتراف به وخفض الجناح له وعلى ذلك ربى الرسول الكريم صحابته الكرام فجاؤوا أئمة هداة جابوا الدنيا ونشروا العلم والأمان 
فيا ربنا أكرمنا بالبصيرة وإتباع الكتاب والسنة المطهرة ..آمين


.

ضيـــاع



                                    
م. عبد اللطيف البريجاوي
 
( كم هي مسكينة تلك المرأة التي تترك طعم الطهر والطهارة لتغمس نفسها في مستنقع من دنس النظرات ,وتجعل مفاتنها محطات يقف عليها كل عابر سبيل لينهل منها ثم يتركها في ضياع )
ومشت تبدو محاسنها
وألهبت حواف مفاتنها
وأطلقت شجون غرائزها
فغارت في مستنقع الدنس

ومشت تتباهى بلا ملل
وتفضح الجيوب بلا خجل
والرأس منها سيهوي على عجل
وستذوق من شدة البأس

وأطلقت ألحاظا بلا قيد
تبغي بهم صيدا بعد صيد
والرأس يدور على كل خد
والكحل أقوى من قوة الزند
وسترى ما فعلت يوم أمس 


.

رمضان يتحدى العولمة



م. عبد اللطيف البريجاوي

يحاول النظام الغربي جاهداً أن يصبغ شعوب العالم بصفاته ويحاول أن يجعل من أسلوب حياته وطريقة معيشته وطرائق تفكيره أسلوباً سائداً في العالم كله وهو ما سمي بالعولمة التي تحاول أن تأكل كل خصوصيات الشعوب ومميزاتها ليسهل عليها بعد ذلك قيادة العالم بطريقة سهلة وبسيطة.

لكن العالم الغربي مازال يفاجئ حتى تاريخه – على الرغم من كل الاختراقات - بميزات وخصوصيات للأمة العربية والإسلامية تحيره وتعود به إلى الحلقة المفقودة التي لا يعرف سرها ولا كينونتها.

ومن هذه الميزات ميزة شهر رمضان المبارك الذي وفجأة ومن غير سابق إنذار يوقظ هذه الأمة لتعود من دون تحضير أو تهيؤ مسبق لتظهر كل مميزاتها وصفاتها وطريقة حياتها متحدية كل أشكال العولمة.

لقد حاول الغرب أن ينشر فكرة العولمة الاقتصادية عولمة الشركات القوية والعملاقة التي تأكل الفقير وتسحق الضعيف فلا مكان للفقير بينها ولا مجال لتحرك الضعيف بين رواقها ولكن يأتي شهر رمضان ليهدم هذه الفكرة من أساسها فترى الناس يسرعون لدفع زكاة أموالهم وتكثر الصدقات تأسياً بالرسول الكريم حيث كان جوادا كريما وكان أكثر ما يكون جوادا في رمضان فيدفعون الزكاة ويكثرون من الصدقات فينتعش حال الفقير ويُسد خلله.

وحاولوا من خلال أفلامهم وطريقة حياتهم أن ينشروا فكر الانعزال والوحدة والأنانية فالمهم هو ذات الشخص, وبدأ بعض الشرقيين بمجاراتهم ولكن فجأة يأتي رمضان ليحي في نفوس المسلمين فكرة صلة الرحم وحب السهرات الاجتماعية فهذا يزور أخته وهذا يصالح أخاه ناهيك عن صلاة التراويح التي تجمع أهل الحي الواحد فيسلمون على بعضهم ويحيون بعضهم.

وحاولوا من خلال همجيتهم وعدوانتيهم أن يفرضوا فكرة العولمة السياسة عولمة أن السيطرة للأقوى وأن الأمم الضعيفة لا مكان لوجودها بين الأمم لكن يأتي رمضان ويحمل بين طياته ذكرى غزوة بدر التي تمثل أن الضعيف ينتصر على القوي إذا كان صاحب عقيدة وعزيمة ويذكرنا بقول الله تعالى \" وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله\".

وحاولوا أيضا نشر ثقافة الانحلال الخلقي والمجون والعولمة الجنسية فكل شيء مباح عندهم بلا ضوابط ولا أخلاقيات وحاولوا جاهدين فعل ذلك عبر تصدير ذلك في أفلامهم ومسلسلاتهم.

فيأتي رمضان ليحي في نفوس الناس الترفع عن هذه الأمور فيقول له إنه في نهار رمضان المسلمون لا يقتربون من زوجاتهم فكيف يقتربون من غيرهم.

وهكذا يشكل رمضان الرقم الصعب في مواجهة العولمة, يحافظ رمضان من خلالها على ميزات هذه الأمة العربية الإسلامية ويحافظ على طبائعها وخصوصياتها ويقف موقفا حازما في التماهي في التقليد لصفات الأمم التي لا تناسب مجتمعاتنا ولا ديننا .
فأهلا بك يا شهر الصيام وأنت تتحدى العولمة وربما من حيث لا ندري !

.

ذوقيّات خلال الزيارات



م. عبد اللطيف البريجاوي




1-الجلوس حيث انتهى المجلس: 
من الآداب المهمّة في الزيارات أنّ الضيف إذا دخل مكاناً وجب عليه أن يجلس حيث انتهى به المجلس, ولا يشق الصفوف والمقاعد ليجلس في مكان ربما قد خصّص لغيره, أو أن يحرج أحداً بأن يقوم له, وقد كان الصحابة يجلسون حيث ينتهي بأحدهم المجلس فعَن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ قَالَ: \"كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي \" (الترمذي2649). وقد بوب الترمذي باباً أسماه: بَاب اجلِسْ حَيثُ انْتَهَى بِكَ المَجلِسُ.
قال في تحفة الأحوذي:\" والحاصل أنّه لا يتقدم على أحد من حُضّاره تأدّباً, وتركاً للتكلّف، ومخالفةً لحظ النّفس من طلب العلو كما هو شأن أرباب الجاه\". (تحفة الأحوذي شرح الترمذي).
ولا بد أن يراعي خلال ذلك رغبة صاحب البيت؛ إذ أهل مكة أدرى بشعابها فيجلس حيث يُجلسه صاحب البيت.

2- عدم جواز أن يُقام أحدٌ من مجلسه:
من الآداب الرفيعة في ديننا أن لا يتجرّأ أحدٌ على أحد في مجلس, ويقيمه من مكانه مهما علا شأن الثاني ونزل شأن الأول, فعَن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: \" لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مَجلِسِهِ ثُمَّ يَجلِسُ فِيهِ\". (متفق عليه).
قال في الفتح: \" قوله:\" لا يقيم الرجل أخاه \" لا مفهوم له بل ذكر لمزيد التنفير عن ذلك لقبحه، لأنّه إن فعله من جهة الكبر كان قبيحاً، وإن فعله من جهة الأثرة كان أقبح\". (فتح الباري شرح البخاري).
قال النوويّ:\" فمن سبق إلى موضع مباح في المسجد وغيره يوم الجمعة أو غيره لصلاة أو غيرها فهو أحقّ به، ويحرم على غيره إقامته لهذا الحديث، إلا أنّ أصحابنا استثنوا منه ما إذا ألف من المسجد موضعا يفتي فيه، أو يقرأ قرآنا أو غيره من العلوم الشرعية، فهو أحق به، وإذا حضر لم يكن لغيره أن يقعد فيه. وفي معناه من سبق إلى موضع من الشوارع ومقاعد الأسواق لمعاملة. (شرح النووي على مسلم).
وقال في تحفة الأحوذيّ:\"والحكمة في هذا النهي:
• منع استنقاص حق المسلم المقتضي للضغائن.
• والحثّ على التواضع المقتضي للمودة.
• وأيضا فالناس في المباح كلهم سواء، فمن سبق إلى شيء استحقّه، ومن استحقّ شيئاً فأخذ منه بغير حقّ فهو غصب والغصب حرام. فعلى هذا قد يكون بعض ذلك على سبيل الكراهة، وبعضه على سبيل التحريم (تحفة الأحوذي شرح الترمذي).

3-الحق المحفوظ:
قد يطول المجلس فيضطّر أحدهم أن يخرج إلى الغائط، أو قد يعرض لأحد الجالسين أمرٌ يجبره على الخروج خارج الغرفة ثمّ يعود، ومن المفاجأة غير السارّة أن يخرج الرجل ثُمّ يعود فيرى مكانه الذي كان فيه قد جلس فيه غيره, فيحرج الرجل ولا يعرف ماذا يتصرف، في مثل هذا الحالات الدقيقة يتدخل الإسلام ليضع نصّاً ظاهراً وواضحاً يفصل فيه هذا النزاع ويزيل هذا الحرج فعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:\"إِذَا قَامَ أَحَدُكم مِن مَجلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ\". (مسلم 4047).

4-الضيف المفرّق:
وقد يدخل الإنسان إلى مكان مكتظّ بالضيوف فلا يجد إلا فرجة بين اثنين, فيجلس بينهما دون إذن منهما ويقطع حديثهما ويدخل الحرج عليهما, فقد يكون بين الاثنين حديث خاصّ بينهما لا يحبّان أن يطلع عليه أحد, أو بينهما ودّ لا يحب لأحد أن يفسده لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: \" لا يُجلَسْ بَينَ رَجُلينِ إِلَّا بِإِذنِهِمَا \". (أبو داود 4204). 
وعن ابن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَن يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِن مَقعَدِهِ, وَيَجلِسَ فِيهِ, قُلْتُ لِنَافِعٍ: الجُمُعَةَ قَالَ: الجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا.(متفق عليه).
قال في تحفة الأحوذي:\" قوله (إلا بإذنهما) لأنّه قد يكون بينهما محبّةٌ ومودّةٌ وجريانُ سرٍ وأمانةٌ فيشقّ عليهما التفرّق بجلوسه بينهما. (تحفة الأحوذي شرح الترمذي).
وعن الأحنف بن قيس قال:\" ما دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما \". (الكامل في الأدب والتاريخ 70/1).

5-عدم النظر في عورات البيت:
من العادات السيّئة عند بعض الناس أنّه إذا دخل مكاناً أطلق بصره يمنة ويسرة, وسمح لعينيه أن تنظر ما وراء الستائر أو الزجاج وهو بذلك يخون نفسه إذ يخون أخاه المسلم, ومثل هذا الرجل لا يستحق أن يؤمن عليه ليدخل إلى البيت فربما غافل صاحب البيت ونظر إلى عورات بيته لذلك ورد الحديث الشريف أن لا يصاحب الإنسان إلا مؤمناً, فعن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:\" لا تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِناً, وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌ \". (الترمذي كتاب الزهد باب ماجاء في صحبة المؤمن).
\" وعن عمر بن الخطاب أنّه قال: من ملأ عينيه من قاعة بيت فقد فَسَق\". (تفسير القرطبي سورة النور).
لذلك جاء النهي الصريح من أن يطلق الإنسان بصره في بيوت الناس فعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِن جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ومعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِدْرىً يَحُكُّ بهِ رَأسهُ فقالَ: \"لَو أَعلَمُ أنَّكَ تَنظُرُ لَطَعَنتُ بِهِ فِي عَينِكَ إِنَّمَا جُعِلَ الِاستِئْذَانُ مِن أَجلِ البَصَرِ \".(متفق عليه).

إضاءات:
• هذا النهي ليس مختصاً بالرجال بل بالنساء أيضا فالمرأة أيضاً ينبغي ألا تنظر إلى عورات أهل البيت إن دخلت بيتاً حتى ولو كان بيت ابنها فلكلّ بيت عوراته التي لا ينبغي للداخل أن ينظر إليها. 
• وهذا النهي ليس مختصاً بالعورات بل مختصّ بكلّ خصوصيات البيت ومحتوياته التي لا يرغب صاحب البيت أن يطلع عليها أحد والتي لا يحبّ أن يظهرها لأحد. 

6- عدم الجلوس مكان صاحب البيت إلا بإذنه:
من العيوب الظاهرة في الزيارات أن يكسوَ الإنسان بعض تصرفاته بالغلظة والفظاظة وسوء التصرف, فيدخل ليجلس في المكان المخصص لصاحب البيت, فيُحرج الرجل من هذا الضيف, ولا يعرف كيف يتصرّف معه وماذا يقول له؛ فيؤدي ذلك إلى شحناء في صدره, وإن لم يبدها أو يظهرها؛ لذلك نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك فعَن أَبِي مَسعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : \"وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلطَانِهِ وَلا يَقعُدْ فِي بَيتِه عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بإِذنهِ\". (مسلم1078). التكرمة: هي الموضع الخاص لصاحب البيت أو العمل كالفراش والمكتب.
ويدخل تحت ذلك المكان الذي خصّصه صاحب البيت لرجل آخر فهو أعرف بضيوفه وأمكنتهم.

7- قاطع الأحاديث:
في بعض الأشخاص صفة سيئة تتمثل بفرضه حديثه الذي يدور في رأسه بمجرد دخوله على أصدقائه, فيقطع حديثهم لينتقل إلى حديث آخر دون إذنهم أو مشورتهم, فتحصل بذلك فجوة بين الأطراف منشؤها فجوة بين الأحاديث وكم من إنسان استأذن بالخروج من المجلس وكم من رجل قاطع آخر لأنّه قطع حديثه دون إذنه, لذلك نهى الإسلام أن يُقطع حديث الرجل إذا لم يكن إثماً أو حراماً فعَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ:\" حَدِّث النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً, فَإِن أَبَيْتَ فَمرّتَيْنِ, فَإِن أَكثرْتَ فَثلاثَ مِرَارٍ ولَا تُمِلَّ النَّاسَ هذَا القُرآنَ, وَلا أُلْفِيَنَّكَ تَأتِي القَومَ وَهُم فِي حَدِيثٍ مِن حَدِيثِهِمْ, فَتَقُصُّ عَلَيهِم فتَقطَعُ علَيهِم حَدِيثهُمْ فَتُمِلّهُمْ وَلَكِن أَنصِتْ فَإِذَا أَمَرُوكَ فَحَدِّثهُمْ وَهُمْ يَشتَهُونَهُ, وانظُرْ السَّجْعَ مِن الدُّعَاءِ فَاجتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنِي: لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ. (البخاري5862).
ولقد كان صلى الله عليه وسلم يباسط الناس ويحادثهم ويسمع منهم الشعر فعَن عَمرِو بنِ الشَّرِيدِ عَن أَبِيهِ. قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللّهِ يَوْماً. فَقَالَ: \"هَلْ مَعَكَ مِن شِعرِ أُمَيَّةَ بنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟\" قُلتُ: نَعَم. قَالَ: \"هِيهِ\" فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتاً. فَقَالَ: \"هِيهِ\" ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتاً. فَقَالَ: \"هِيهِ\" حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيتٍ .(مسلم كتاب الشعر).
وكان صلى الله عليه وسلم لا يقطع حديثهم قطعاً, أو يسكت الناس إذا دخل إنما يسمع إليهم حتى إذا انتهوا أو طلبوا منه الحديث بادرهم, وهذا من ذوقه الرفيع وأدبه الجمّ صلى الله عليه وسلم . 

8- الهمس المزعج:
من عيوب بعض المجالس أن يكثر فيها الهمس المزعج و الذي يتمثل بالمحادثة الخفيّة بين طرفين مع وجود الطرف الثالث الذي يحزنه هذا الفعل ويؤلمه, وربما هيّج هذا الفعل ما في نفسه فيتوهّم ربط حديث المتناجين بما يكره أو يبغض, أو يعتبر نفسه غريباً عن المتناجين فيحزنه هذا التناجي, وبذلك جاء النهي فعَن عَبدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : \"إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلا يَتَنَاجَى اثنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ\". (متفق عليه).
قال ابن حجر: \"وإنما قال يحزنه لأنّه قد يتوهّم أن نجواهما إنما هي لسوء رأيهما فيه أو لدسيسة غائلة له وقد نقل ابن بطّال عن أشهب عن مالك قال: لا يتناجى ثلاثة دون واحد ولا عشرة, لأنّه قد نهى أن يترك واحداً, قال: وهذا مستنبط من حديث الباب، لأنّ المعنى في ترك الجماعة للواحد كترك الاثنين للواحد، قال: وهذا من حسن الأدب لئلاّ يتباغضوا ويتقاطعوا. وقال المازريّ ومن تبعه: لا فرق في المعنى بين الاثنين والجماعة لوجود المعنى في حق الواحد، زاد القرطبي: بل وجوده في العدد الكثير أمكن وأشد، فليكن المنع أولى، وإنما خصّ الثلاثة بالذكر لأنّه أوّل عدد يتصوّر فيه ذلك المعنى، فمهما وجد المعنى فيه ألحق به في الحكم. قال ابن بطّال: وكلما كثر الجماعة مع الذي لا يناجى كان أبعد لحصول الحزن ووجود التهمة، فيكون أولى. (فتح الباري شرح البخاري).

إضاءة:
ممّا يدخل تحت هذا الأدب الرفيع أن لا يتكلّم أصحاب الاختصاصات الدقيقة باختصاصاتهم إذا وُجد في المجلس واحد لا يفقه هذا الاختصاص, كأن يجتمع أطباء فيتحدثون بأدقّ التفاصيل في اختصاصاتهم وبينهم مدرّس لا يفقه ما يقولون فيحرجه ذلك و ربما غادر المجلس منزعجاً.

9- الثقيل السؤول:
من الأمور المهمّة في ديننا عدم الإلحاح على القادم أو المغادر عن سبب تأخره أو ذهابه المبكّر؛ إذ قد يكون سبب التأخّر أو الذهاب المبكّر محرجاً بعض الشيء أو سراً لا يحبّ أن يعرفه أحد, وإن كان لا بد من السؤال من أجل الاطمئنان وبدافع المحبة فليرض السائل بعمومّيات الإجابة ولا يحمل على أصدقائه بكثرة الأسئلة كلما ذهب واحد منهم أو تأخر حتى يملوه ويكرهوه, إذ يعتبر عدم سؤال المرء فيما لا يعنيه من حسن الإسلام فعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم :\" مِن حُسنِ إِسلاَمِ المَرءِ تَركُهُ ما لا يعْنِيهِ \". (الترمذي كتاب الزهد).
وعن مجاهد قال:\" يكره أن يحدَّ الرجلُ إلى أخيه النظر أو يتبعه بصره إذا ولّى أو يسأله: من أين جئت وأين تذهب \" .(الأدب المفرد 546).

10- عدم التفاخر بتقديم الضيافة:
\"كانوا يقولون لا تكرم صديقك بما يشقّ عليه\" (الأدب المفرد 288). ومعنى ذلك أنّ الإكرام الزائد والتفنّن في أساليب الضيافة والتنوّع في أشكالها يكون سبباً للمشقّة فقد لا يكون للضيف قدرة على المكافأة ورد الدعوة بالشكل الذي قدمت له, فيشقّ عليه أن يردّ الدعوة لأصحابه دون أن يقدّم ما قدموا فيضطرّه ذلك إلى ردّ الضيافة ولو استدان, ثم بعد ذلك ينقطع عن أصدقائه وأقاربه لأنّه لم يعد يستطيع أن يجاريهم, إنّ الإسلام وأمر بإكرام الضيف بقدر ما يستطيع الإنسان لكن بشرط ألاّ يتكلف فوق طاقته, لذلك كانوا يقولون:\"أمرنا ألاّ نبخل بالموجود ولا نتكلّف فوق الحدود\"، ومن شروط تمام الصحبة والزيارات التخفيف من المفاخرة بالضيافة فـ \" تمام التخفيف بطيِّ بساط التكليف\".(إحياء علوم الدين ص280/2).
وقد يكون التكلف الزائد سبباً في القطيعة \" فهناك من إذا زاره أحد من أقاربه أو أصدقائه تكلّف له أكثر من اللازم وخسر الأموال الطائلة, ومن هنا تجد أنّ أقاربه وأصدقاءه يقصرون في زيارته حتى لا يوقعونه في الحرج \".(صلة الرحم المظاهر والأسباب ص12).

11- كراهية تقديم طعام غريب لا يعرفه الضيف:
فلكل بلد طعامه الخاصّ وعاداته الخاصة وأسلوبه الخاصّ في تحضير الضيافة والطعام, لذلك يكره أن يقدم للضيف طعامٌ لا يعرفه أو لا يستسيغه،وهذا الفعل يحرج الضيف والمضيف, أما المضيف فإنّه يشعر بأنه قصّر تجاه ضيفه وأضرّ به فربما كان جائعاً أو مسافراً, وأما الضيف فقد لا يستسيغ الطعام, فيظن صاحب الدعوة أن هناك خللاً ما في طعامه لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم \" قَلَّما يُقَدِّمُ يَدهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ \". (متفق عليه).

12- بدء الضيافة من الكبير سناً أو قدراً ثم عن يمينه:
من الآداب الإسلاميّة العالية احترام الكبير وأهل الفضل فنبدأ الضيافة من عندهم, ثم نتبع يمين الكبير أو صاحب الفضل, وهذا توقيرٌ للكبير واعتراف بأهل العلم وأهل الفضل أرشدنا إليه الإسلام فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \"ليس من أمّتي من لم يجلّ كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقّه\". (أحمد أحاديث عبادة بن الصامت).
قال في الفتح:\" \"و أخرج أبو يعلى بسند قويّ عن ابن عباس قال:\"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقى قال ابدؤوا بالكبير\" ويجمع بأنه محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساوين إمّا بين يدي الكبير أو عن يساره كلّهم أو خلفه أو حيث لا يكون فيهم، فتخصّ هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن، أو يخص من عموم هذا الأمر بالبداءة بالكبير ما إذا جلس بعض عن يمين الرئيس وبعض عن يساره، ففي هذه الصورة يقدّم الصغير على الكبير والمفضول على الفاضل، ويظهر من هذا أن الأيمن ما امتاز بمجرد الجلوس في الجهة اليمنى بل بخصوص كونها يمين الرئيس فالفضل إنما فاض عليه من الأفضل، وقال ابن المنير: تفضيل اليمين شرعيّ وتفضيل اليسار طبعيّ وإن كان ورد به الشرع لكن الأول أدخل في التعبد، ويؤخذ من الحديث أنه إذا تعارضت فضيلة الفاعل وفضيلة الوظيفة اعتبرت فضيلة الوظيفة كما لو قدمت جنازتان لرجل وامرأة ووليّ المرأة أفضل من وليّ الرجل قًدم وليُّ الرجل ولو كان مفضولاً لأنّ الجنازة هي الوظيفة فتعتبر أفضليّتها لا أفضلية المصلِّي عليها، قال: ولعل السرّ فيه أنّ الرجوليّة والميمنة أمر يقطع به كل أحد \".(فتح الباري كتاب الأشربة باب هَل يسْتأ ْذِن الرَّجل مَن عن يَمِينِهِ فِي الشُّربِ لِيعطِي الأَكبَر) .

13- خِدمَةِ الصِّغَارِ الكِبَار:
وهذا أيضا من الأدب الجمّ وفي المثل (صغير القوم خادمهم) فهو يسعى بين أيديهم يقدم لهم الطعام والضيافة ولا بدّ أن نربّي أولادنا على ذلك حتى لا ينْزعج الصغار من الكبار ولقد بوّب البخاريّ باباً أسماه باب خِدمَةِ الصِّغَارِ الكِبَارَ قال في الفتح:\" قوله: (باب خدمة الصغار الكبار) ذكر فيه حديث أنس \" كنت قائماً على الحي أسقيهم وأنا أصغرهم\" وهو ظاهر فيما ترجم به \".(فتح الباري كتاب الأشربة باب خِدْمَةِ الصِّغَارِ الْكِبَار).

14- دعاء نهاية المجلس:
وفي كل مجلس قد يكثر اللغط واللهو والمزاح وتبادل الأحاديث التي قد لا تعتبر نافعة, ولذلك وجّه الإسلام أن يحفظ المسلم دعاء ختام المجلس الذي يمحو ما كان في المجلس من خطأ فعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : \" مَن جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِن مَجلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ, إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ\" (الترمذي 2355).

15- التسليم آخر المجلس:
فإذا انفض المجلس فلا بدّ أن يستأذن بالخروج ويلقي السلام على من بقي من الجالسين, فعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:\" إِذَا انتَهَى أَحَدُكُم إِلَى مَجلِسٍ فَلْيُسَلِّم فَإِن بَدَا لَهُ أَن يَجْلِسَ فَليَجلِسْ ثُمَّ إِذَا قَامَ فَليُسَلِّم فَلَيسَت الأُولَى بِأَحقَّ مِن الآخِرَةِ\".(الترمذي2630).

المرجع كتاب ذوقيات إسلامية 
م. عبد اللطيف محمد سعد الله البريجاوي.


.