المتابعون

بسم الله الرحمن الرحيم

مدونة ثقافية ، منوعات ، اسلاميات ، فقه الأسرة ، العناية بالبشرة و الشعر ، صحة الأسرة ، علم النفس ، الإعجاز العلمي ، الطب البديل ، تطبيقات الحاسب الألي

الخميس، 5 يوليو 2012

تعظيم القرآن


الحمد لله الذي جعل القرآن هدًى للناس، وذِكْراً ورفعة للمؤمنين، كما قال سبحانه:﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف : 44]، والصلاة والسلام على معلّم الناس الخير، أما بعد.
فمعلوم أنّ الدين كلّه هو معرفة الله وحقوقه، وأساس ذلك كلّه تعظيمه سبحانه وإجلاله، ولا طريق إلى ذلك إلاّ مِن خلال القرآن، ولن يتأتى ذلك إلا بتعظيم هذا القرآن، فبتعظيمه يعظُم لدينا قدْرُ ربِّنا، وبه نعرف خالقنا، وعندها تتغير أمور كثيرة، والمتأمل لواقعنا اليوم يجد صوراً مروّعة تدل على عدم تعظيم هذا الكتاب الخالد، ولعلَّ منها:
أولاً: في دُور التعليم:
1- الكتابة على المصاحف والرسم عليها.
2- تمزيق المصاحف.
3- رمي المصاحف عند تبادلها بين الطلاب.
4- الجلوس على الحقائب التي تحتوي المصحف، والكتب التي تحتوي الآيات.
5- عدم الإنصات له عند تلاوته.
ثانياً: في المساجد:
1- تمزيق المصاحف.
2- مد الأرجل نحو المصاحف.
3- تخطّي المصاحف في الأرفف أو على الحوامل.
4- إهمال المصاحف وتراكم الأتربة عليها أحياناً.
ثالثاً: في الإعلام:
1- ارتفاع صوت اللغو فوق صوت القرآن.
2- رمي الصحف المشتملة على الآيات.
3- اجتماع الآيات مع صور لا تليق أحياناً.
رابعاً: في الحياة:
1. عدم التحاكم إليه.
2. قلة العناية بتفسيره وبيانه.
3. ضعف الاهتمام بتدبره وفهمه.
4. جعله رمزاً في مراسم العزاء، ومراسم الاحتفال.
هذه صور سريعة لبعض ما يمكن أن يكشف عن حال القرآن في الأمة، والتركيز هنا عل كيفية تعظيم القرآن، حتى يعود هذا الكتاب لتأثيره العظيم.
والفكرة تدور حول التفكير في مشروع عملي تشترك فيه جهات عدة، لتحقيق هذا الهدف ويمكن أن يسمى (مشروع تعظيم القرآن).
وعلى سبيل المثال يمكن القيام بالآتي:
أولاً: على مستوى التعليم:
1. تبدأ الحصة دائماً بتلاوة جميلة بصوت مؤثر ليقع آثر القرآن في القلوب، لما لسماع القرآن من الأثر العظيم.
2. يتحدث المعلم في كل حصة عن شيء فيه تعظيم القرآن مثل: آية، أو حديث، أو قصة، أو قول، أو غير ذلك مما يسهم في لفت النظر لعظمة هذا القرآن.
3. ينبه المعلم على أي خطأ أو سلوك يتنافى مع تعظيم القرآن، كما يشيد بكل سلوك يدل على تعظيم هذا الكتاب.
4. يهتم النشاط المدرسي بهذا الموضوع من خلال: المسابقات، والتصميم والرسم، والمعارض، والإذاعة المدرسية.
ثانياً: على مستوى المساجد:
1. تخصيص محاضرات شهرية حول القرآن ومكانته وهدايته وتدبره.
2. تخصيص خطب عن هذا الموضوع.
3. تكثيف دروس التفسير والتدبر في المساجد.
4. تضمين حلقات التحفيظ شيئاً عن هذا الموضوع.
ثالثاً: على مستوى الإعلام بكل صوره:
1. وضع برامج خاصة عن التدبر وطرقه وأساليبه.
2. إنتاج برامج توضّح عظمة القرآن في الكون والحياة.
3. بث برامج عن إعجاز القرآن التشريعي والبياني والعلمي.
4. العناية بترجمة معاني القرآن بطريقة تضمن نقل معانيه العظيمة لغير المسلمين.
5. العناية بإنتاج مقاطع صوتية مؤثرة، وتُترجم معانيها للغات عدة، لما لسماع القرآن من تأثير.
6. الاهتمام بالقصص القرآني وإبراز ما فيه من هدايات وعبر.
رابعاً: على مستوى الحياة العامة:
1. إبراز الشعارات التي تعظِّم القرآن وتذكّر بمكانته في الطرقات والمحافل العامة.
2. دعوة الناس إلى فهمه، وإزالة الحواجز التي تحول دون ذلك.
3. تكثيف الحديث عن القرآن عبر كل الوسائل الممكنة، وتنويع الطرح في ذلك.
4. عقد المؤتمرات التي تخص هذا الأمر.
هذه أفكار سريعة في مشروع كبير، الهدف منها تحريك الهمم، والتفكير الجاد في الموضوع، فلعلنا نجد مَن يدفع هذه الأفكار نحو الأمام، ولو في مجال من المجالات المذكورة، ونسأل الله التوفيق للجميع.

كاتب الموضوع : د. عويض العطوي

الثلاثاء، 26 يونيو 2012

الإعجاز العلمي في حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين



جمع وترتيب: قسطاس إبراهيم النعيمي
مقدمة:
ونحن نعيش على هذه الأرض نرى ونسمع بالكثير من الفواكه والخضروات منها ما قد نالته أيدينا ومنها ما لم تنله، ومنها ما يوصف كعلاج ومنها ما يوصف كطعام أو شراب أو غير ذلك، ولكن لو تأملنا في كل هذا سنجد أن الله تعالى هو خالق كل شيء رحمة بنا، ولحكمة منه سبحانه جعل في كل شيء من هذه الأشياء التي خلقها فائدة وسراً لا يكاد يعلمه الناس إلا بعد حين من الدهر وذلك بعد أبحاث ودراسات وتجارب يتوصل بها أصحاب الاختصاص إلى ثمرة تلك الجهود، ولعلنا في هذا البحث سنتناول ثمرة من الثمار التي خلقها الله سبحانه وأنشأها تحت الأرض وهدى عباده إليها وعلمهم كيف يتناولونها وهي الكمأة.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الثمرة لم يتركها الخالق بدون ذكر بل أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فذكرها قائلاً: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين"(1)، ولكن لماذا ذكرها المصطفى وهل هي فعلاً كما قال؟ وقد علمنا أنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى؛ وهل جاء اليوم الذي يثبت فيه أهل الاختصاص إعجاز هذا الحديث؟ فتعال معي نخطو معاً في رحاب الوحي والعلم لننهل من معينه فنزداد إيماناً وثواباً ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فإنه وكما قال الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره إلا نادى مناد من قبل الحق: يا أبن آدم، أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
الكمأة في اللغة:
الكمأة بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه مهموز(2)، والكَمْأَةُ واحدها كَمءٌ على غيرِ قياس وهو من النوادِرِ فإِنَّ القِياسَ العَكْسُ(3)، وقيل: الكَمْأَةُ هي التي إِلى الغُبرة والسَّواد، والجِبَأَةُ إِلى الحُمْرةِ والفِقَعةُ البِيضُ، وأَكْمَأَتِ الأَرضُ فهي مُكْمِئةٌ كَثُرت كَمْأَتُها وأَرضٌ مَكْمُوؤَةٌ كثيرة الكَمْأَة وكَمَأَ القومَ، وأَكْمَأَهم الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة أَطْعَمَهُم الكَمْأَةَ، وخَرجَ الناسُ يَتَكَمَّؤُون أَي يَجْتَنُون الكَمْأَةَ، ويقال: خرج المُتَكَمِّئُون وهم الذين يَطْلُبون الكَمْأَةَ، والكَمَّاءُ بَيَّاعُ الكَمْأَة وجانيها(4)،وقيل: سميت بذلك لاستتارها, يقال: كمأ الشهادة إذا كتمها(5).
الحديث الوارد في الكمأة وشرح معناه:
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين"(6).
قوله صلى الله عليه وسلم: "من المن" قيل في المراد بالمن ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المراد أنها من المن الذي أنزل على بني إسرائيل وهو الطل الذي يسقط على الشجر فيجمع ويؤكل حلواً ومنه الترنجبين فكأنه شبه به الكمأة بجامع ما بينهما من وجود كل منهما عفواً بغير علاج.
الثاني: أن المعنى أنها من المن الذي أمتن الله به على عباده عفواً بغير علاج قاله أبو عبيد وجماعة، وقال الخطابي ليس المراد أنها نوع من المن الذي أنزل على بني إسرائيل فإن الذي أنزل على بني إسرائيل كان الترنجبين الذي يسقط على الشجر وإنما المعنى أن الكمأة شيء ينبت من غير تكلف ببذر ولا سقي فهو من قبيل المن الذي كان ينزل على بني إسرائيل فيقع على الشجر فيتناولونه.
ثم أشار إلى أنه يحتمل أن يكون الذي أنزل على بني إسرائيل كان أنواعاً؛ منها ما يسقط على الشجر ومنها ما يخرج من الأرض فتكون الكمأة منه وهذا هو القول الثالث وبه جزم الموفق عبد اللطيف البغدادي ومن تبعه فقالوا أن المن الذي أنزل على بني إسرائيل ليس هو ما يسقط على الشجر فقط بل كان أنواعاً منّ الله عليهم بها من النبات الذي يوجد عفواً ومن الطير التي تسقط عليهم بغير اصطياد ومن الطل الذي يسقط على الشجر(7).
والمن مصدر بمعنى المفعول؛ أي ممنون به فلما لم يكن للعبد فيه شائبة كسب كان منّاً محضاً وإن كانت جميع نعم الله تعالى على عبيده منّاً منه عليهم لكن خص هذا باسم المن لكونه لا صنع فيه لأحد فجعل سبحانه وتعالى قوتهم في التيه الكمأة، وهي تقوم مقام الخبز، وأدمهم السلوى وهي تقوم مقام اللحم، وحلواهم الطل الذي ينزل على الشجر، فكمل بذلك عيشهم، ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من المن" فأشار إلى أنها فرد من أفراده، فالترنجبين كذلك فرد من أفراد المن وإن غلب استعمال المن عليه عرفاً ، ولا يعكر على هذا قولهم لن نصبر على طعام واحد لأن المراد بالوحدة دوام الأشياء المذكورة من غير تبدل وذلك يصدق على ما إذا كان المطعوم أصنافاً لكنها لا تتبدل أعيانها(8).
أما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "شفاء للعين" فهذا من طبه صلى الله عليه وسلم ونحن نؤمن بذلك إيمان اليقين ولكن ينبغي الرجوع في ذلك إلى ذوي الاختصاص المؤمنين لأن وصفة الطبيب لا يجوز استعمال أي مريض لها بدون مراجعته، بل الذي يقرره الأطباء ضرورة رجوع المريض نفسه إلى الطبيب الذي أعطاه الوصفة ليقرر له هل يناسب استعمالها الآن مزاجه فيكررها أم لا(9).
ولذلك كان بعض العرب يسميها جدري الأرض تشبيهاً لها بالجدري مادة وصورة؛ لأن مادته رطوبة دموية تندفع غالباً عند الترعرع وفي ابتداء استيلاء الحرارة ونماء القوة ومشابهتها له في الصورة ظاهر(10).
صورة لبعض قطع من الكمأة الصحراوية
ما هي الكمأة:
هي نوع من الدرنيات والجذور التي لا ورق لها ولا ساق تخرج في الأرض بدون زرع وتكثر أيام الخصب وكثرة المطر والرعد(11)، وهو نَبات يُنَقِّضُ الأَرضَ فيخرج كما يَخرج الفُطْرُ، وهو معروف من نبات الأرض والعرب تسمية جدري الأرض، فسماه الشارع مَنّاً أي طعاماً بغير عمل كالمن الذي أنزل على بني إسرائيل(12)، أما التفسير العلمي الذي عرف حتى الآن لتكون درنات الكمأة في الأرض، فهو أن البرق يضع تحت تصرف الغلاف الجوي الطاقة اللازمة لتشكيل العديد من الأكاسيد والمركبات الغذائية (مركبات الأزوت)، ويعمل الرعد على ترسيب هذه المركبات، إما على صورة جافة بفعل الثقالة الأرضية (الجاذبية)، وإما على صورة محاليل مائية بفعل حبات المطر، فتصل الطبقة السطحية للأرض بعد أن رفع الرعد من قدرتها على تخزين الماء والغذاء اللازمين لنمو فطر الكمأة وعائلة (جردة الكمأة)، ومن المحتمل أن يكون الدور الرئيسي للرعد في إرسال بعض الموجات الصوتية التي من شأنها أن تمزق أغلفة أنواع فطر الكمأة الكامنة، فتنشط بوجود الماء والتربة الرخوة وتبدأ عملية (الفقع) إلى سطح التربة (13).
وهي توجد في الأرض من غير أن تزرع ، والعرب تسمي الكمأة أيضاً نبات الرعد لأنها تكثر بكثرته ثم تنفطر عنها الأرض وهي كثيرة بأرض العرب وتوجد بالشام ومصر والعراق، وأجودها ما كانت أرضه رملية قليلة الماء ومنها صنف قتّال يضرب لونه إلى الحمرة، وهي باردة رطبة رديئة للمعدة بطيئة الهضم(14)، ويسميه أهل الخليج أو أهل الجزيرة العربية: (الفقع) وهو جمع لكلمة فقعه، وفي منطقة بلاد الشام، يسمونه "الكماه" تمييعاً للـ "الكمأة" وهو اسمه العربي الوارد في الحديث، ينمو تحت سطح الأرض على أعماق متفاوتة تصل ما بين 2 سم إلى 50 سم ولا تظهر له أجزاء فوق سطح الأرض على الإطلاق، فلا ورق، ولا زهر(15)، وهو نبات لا جذر له.
ولعل الأمطار المبكرة في شهري تشرين الأول والثاني والمصحوبة بالرعد ثم أمطار آذار الربيعية الرعدية ضرورية لتأمين موسم جيد للكمأة على أن يرافق هذه الأمطار ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في طبقات الجو العليا ينجم عنها تمدد في الغيوم يؤدي إلى احتكاك شديد ينتج عنه البرق والرعد وأمطار عاصفية، والرعد الذي هو شرارات كهربائية عنيفة ترفع درجة الحرارة حولها إلى ما يقرب من 3000 درجة مما يحول الآزوت الحر إلى حمض الآزوت، يتحول في التربة التي يصلها مع الأمطار إلى نترات تستفيد منه الكمأة لأنها تحتاج إلى نوعية خاصة من الأسمدة الآزوتية(16).
أما محاولة زراعتها بتدخل الإنسان في ذلك، فقد باءت جميع المحاولات حتى الآن بالفشل، ويقوم مهندس زراعي في دير الزور (سوريا) الآن بمحاولة استزراع الكمأة ولا يزال في بداية التجربة، على الرغم من أنه يعمل فيها منذ سنوات، ويؤكد أن النتائج الأولى مبشرة(17).
أنواع الكمأة:
توجد عدة أنواع من الكمأة ولا يكاد تختلف عن بعضها كثيراً سوى اختلاف بسيط في ألوانها مثل الزبيدي ولونه يميل إلى البياض وحجمه كبير قد يصل إلى حجم البرتقالة الكبيرة وأحيانا أكبر من ذلك، والخلاسي ولونه أحمر وهو أصغر من الزبيدي ولكنه في بعض المناطق ألذ وأغلى في القيمة من الزبيدي، والجبي ولونه أسود إلى حمرة وهو صغير جداً، والهوبر ولونه أسود وداخله أبيض وهذا النوع يظهر قبل ظهور الكمأة الأصلية وهو يدل على أن الكمأة ستظهر قريباً، ويعتبر هذا النوع أردأ أنواع الكمأة ونادراً ما يؤكل(18).
المحتويات الكيميائية للكمأة:
خلق الله تعالى هذا الكون بتناسق عجيب وركب مكوناته من مواد هي مسخرة بإذنه لبني آدم حيث يحتوي كل نبات على عناصر معينة وفيتامينات ومعادن هي في تناسقها وكمياتها وتجانسها تشكل حكمة بالغة وآية لأولي الألباب، بحيث تبين من تحليل الكمأة احتواؤها على البروتين بنسبة 9%، والمواد النشوية بنسبة 13%، ودهون بنسبة 1%، لهذا فهو ذو مردود حراري متواضع، وتحتوي على معادن مشابهة لتلك التي يحتويها جسم الإنسان مثل الفوسفور، والصوديوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم، كما تحتوي على فيتامين ب، وهي غنية بهذا الفيتامين. كما تحتوي على كمية من النيتروجين بجانب الكربون، والأكسجين، والهيدروجين، وهذا ما يجعل تركيبها شبيهاً بتركيب اللحم، وطعم المطبوخ منها مثل طعم كلى الضأن، أضف إلى هذا رائحةَ الكمأة المحببةَ وطعمَه الأشهى، مما يغري الكثيرين بالإقبال عليه (19)،كما أنه عندما تم تحليل الكمأة تبين أنها مصدر مهم للبروتينات من بين نباتات الصحراء، وأنها تتكون من 77% ماء ، و 23 %مواد مختلفة ، منها60 % هيدرات الكربون ، و 7% دهون ، و4 % ألياف، و18% مواد بروتينية، و11% تبقى على هيئة رماد بعد الحرق، وتم التعرف على سبعة عشر حمضاً من الأحماض الأمينية في بروتينيات الكمأة(20).
كيفية العلاج بالكمأة:
اختلفت طرق ووسائل العلاج بالكمأة كما اختلفت طرق ووسائل أكله، فكل بلد له فلسفة خاصة في أكله أو العلاج به، غير إن المشتهر عنه أنه غذاء لذيذ وشهي، هذا ما تعارف عليه الناس من القدم إلا أن البعض استطاع أن يكتشف أنه سبب لعلاج بعض الأمراض بإذن الله فابن حجر رحمه الله يقول: «إن إدمان أكل الكمأة يورث القولنج والسكتة والفالج وعسر البول والرطب منها أقل ضرراً من اليابس، وإذا دفنت في الطين الرطب ثم سلقت بالماء والملح والسعتر وأكلت بالزيت والتوابل الحارة قل ضررها ومع ذلك ففيها جوهر مائي لطيف بدليل خفتها فلذلك كان ماؤها شفاء للعين» (21).
وقال ابن القيم نقلاً عن الغافقي: «ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين إذا عجن به الإثمد واكتحل به، ويقوي أجفانها ويزيد الروح الباصرة قوة وحدة ويدفع عنها نزول النوازل»(22)، وقال النووي: «الصواب أن ماءها شفاء للعين مطلقاً فيعصر ماؤها ويجعل في العين منه، وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان عمي وذهب بصره حقيقة فكحل عينه بماء الكمأة مجرداً فشفي وعاد إليه بصره وهو الشيخ العدل الأمين الكمال بن عبد الدمشقي صاحب صلاح ورواية في الحديث وكان استعماله لماء الكمأة اعتقاداً في الحديث وتبركاً به فنفعه الله به»(23).
كما نقل ابن حجر عن الخطابي قائلاً: «إنما اختصت الكمأة بهذه الفضيلة لأنها من الحلال المحض الذي ليس في اكتسابه شبهة ويستنبط منه أن استعمال الحلال المحض يجلو البصر والعكس بالعكس»(24).
أما المراد بماء الكمأة فقد قال ابن الجوزي في المراد بكونها شفاء للعين قولان:
أحدهما: أنه ماؤها حقيقة إلا أن أصحاب هذا القول اتفقوا على أنه لا يستعمل صرفاً في العين لكن اختلفوا كيف يصنع به على رأيين:
أحدهما: أنه يخلط في الأدوية التي يكتحل بها قال ويصدق هذا أن بعض الأطباء قالوا أكل الكمأة يجلو البصر.
ثانيهما: أن تؤخذ فتشق وتوضع على الجمر حتى يغلي ماؤها ثم يؤخذ الميل فيجعل في ذلك الشق وهو فاتر فيكتحل بمائها لأن النار تلطفه وتذهب فضلاته الرديئة ويبقى النافع منه ولا يجعل الميل في مائها وهي باردة يابسة فلا ينجع.
الثاني: أن المراد ماؤها الذي تنبت به فإنه أول مطر يقع في الأرض فتربي به الأكحال، فتكون الإضافة إضافة الكل لا إضافة جزء، قال ابن القيم: «وهذا أضعف الوجوه، قلت وفيما ادعاه ابن الجوزي من الاتفاق على أنها لا تستعمل صرفاً -أي وحدها من غير إشراكها بغيرها من المواد- نظر فقد حكى عياض عن بعض أهل الطب في التداوي بماء الكمأة تفصيلاً وهو إن كان لتبريد ما يكون بالعين من الحرارة فتستعمل مفردة وإن كان لغير ذلك فتستعمل مركبة، وبهذا جزم ابن العربي فقال الصحيح أنه ينفع بصورته في حال وبإضافته في أخرى، وقد جرب ذلك فوجد صحيحاً، نعم جزم الخطابي بما قال ابن الجوزي, وقال: ولا تستعمل صرفاً فإن ذلك يؤذي العين»(25).
وذكر الزرقاني أن المتوكل أمير المؤمنين رمد، ولم يزدد باستعمال الأدوية إلا رمداً فطلب من أحمد بن حنبل إن كان يعرف حديثاً في ذلك، فذكر له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين" فأرسل المتوكل إلى طبيبه يوحنا بن ما سويه وطلب منه أن يستخرج له ماء الكمأة فأخذ الكمأة فقشرها ثم سلقها فأنضجت أدنى النضج ثم شقها وأخرج ماءها بالميل فكحل به عين المتوكل فبرأت في الدفعة الثانية فعجب ابن ماسويه وقال: اشهد أن صاحبكم كان حكيماً، يعني النبي صلى الله عليه وسلم(26).
وفي الحقيقة أن الكمأة وغيرها من المخلوقات خلقت في الأصل سليمة من المضار، خاصة إذا ثبت أن أكلها بصورة ما لا يسبب الموت أو المرض، فإذا ثبت أن أكلها سبّب مرضاً بعد ذلك أو موت ففي هذه الحالة لا تكون تلك الثمرة أو النبتة سبب في ذلك المرض لثبوت السلامة أولاً، لأن العارض الجديد يكون بسبب خارجي عنها، فإذا عرضت لها الآفات بأمور أخرى من مجاورة أو امتزاج أو غير ذلك من الأسباب التي أرادها الله تعالى، كان ذلك العارض هو السبب، فالكمأة في الأصل نافعة لما اختصت به من وصفها بأنها من الله وإنما عرضت لها المضار بالمجاورة واستعمال المواد الكيميائية، وكل ما وردت به السنة بصدق ينتفع به من يستعمله ويدفع الله عنه الضرر بنيته والله أعلم.
الكمأة في عصرنا هذا:
ذكرنا أن الكمأة تستعمل إما للأكل وهو الشائع وإما للعلاج وسنذكر هنا كلا الاستعمالين: حيث تستعمل الكمأة لعلاج هشاشة الأظافر وسرعة تكسرها أو تقصفها وتشقق الشفتين واضطراب الرؤية، وقد أجريت العديد من الدراسات والأبحاث على مرضى مصابين بالرمد الحبيبي أو التراخوما - وهو التهاب مزمن ومعدٍ يصيب العين ويؤدي إلى تليف القرنية، مما قد يتسبب في فقدان البصر - فاستُخدم ماءُ الكمأة في علاج نصف المرضى، واستخدمت المضادات الحيوية في علاج النصف الآخر فتبين أن ماء الكمأة قد أدَّى إلى نقص شديد في تكون الخلايا اللمفاوية والألياف التي تنتج عن هذا الالتهاب، والتي تسبب العتامة في القرنية، بعكس الحالات الأخرى التي استخدمت فيها المضادات الحيوية، فهو يقلل من حدوث هذا التليف في قرنية العين وذلك بوقف نمو الخلايا المكونة للألياف، كما أنه في نفس الوقت يقوم بمعادلة التأثير الكيميائي لسموم التراخوما، ويمنع النمو غير الطبيعي للخلايا الطلائية للملتحمة في العين، ويزيد من التغذية لهذه الخلايا عن طريق توسيع الشعيرات الدموية بالملتحمة، ولأن معظم مضاعفات الرمد الحبيبي تنتج عن عملية تليف قرنية العين، فإن ماء الكمأة يمنع من حدوث هذه المضاعفات بإذن الله(27).
صورة لعين يظهر فيها أثر التراخوما بشكل واضح
وفي المؤتمر العالمي الأول عن الطب الإسلامي ألقى الدكتور المعتز بالله المرزوقي محاضرة عن نتائج معالجته لآفات عينية مختلفة بتقطير ماء الكمأة في العين، ولقد تم استخلاص العصارة المائية منها في مختبر فيلانوف بأوديسا، ثم تم تجفيف السائل حتى يتمكن من الاحتفاظ به لفترة طويلة وعند الاستعمال تم حل المسحوق في ماء مقطر لتصل إلى نفس تركيز ماء الكمأة الطبيعي وهو ماء بني اللون له رائحة نفاذة ولقد عالج به حالات متقدمة من(الترخوما) فكانت النتائج إيجابية حيث تم تشخيصه عند 86 طفلاً، تم تقسيمهم إلى مجموعتين مجموعة عولجت بالأدوية المعتادة ومجموعة عولجت بعدما أضيف ماء الكمأة إلى تلك المعالجات حيث تم تقطير ماء الكمأة في العين المصابة 3 مرات يومياً ولمدة شهر كامل وكان الفرق واضحاً جداً بين المجموعتين فالحالات التي عولجت بالأدوية المعتادة ظهر فيها تليف في ملتحمة الجفون أما التي عولجت بماء الكمأة المقطر عادت الملتحمة إلى وضعها السوي دون تليف الملتحمة (28).
كما تستعمل الكمأة كغذاء جيد حيث تبلغ قيمتها الغذائية أكثر من 20% من وزنها حيث تحتوي على كمية كبيرة من البروتين، ويصنع من الكمأة الحساء الجيد وتزين بها موائد الأكل ويجب أن تطبخ جيداً وأن لا تؤكل نيئة لخطورتها حيث تسبب عسر الهضم، كما يجب عدم أكلها من قبل المصابين بالحساسية(29).
وجه الإعجاز:
(سبحان الله) كلمة تدين بها الخلائق لخالقها، فمن رحمته بخلقه ولطفه بهم أن خلق لهم ما ينفعهم وأخبرهم بها لئلا يعجزوا أو ييأسوا، ولكن الجهل بالله وبكتابه أدى إلى أن طال الأمد فقست القلوب وتحجرت فاتخذته ظهرياً وهجره أهله فكان ما كان من هذا النسيان، ويوماً بعد يوم يكتشف هذا الإنسان أن له رباً رحيماً حكيماً يسر له أموره وقدر له سبل الهداية والنفع في آن واحد، وما موضوعنا الحالي إلا خير مثال على ذلك، فهو برهان على أمرين:
الأول: صدق ما أخبر به الحبيب المصطفى من كون الكمأة شفاءاً للعين وهذا يدل على أن محمداً رسول من الله للعالمين لا ينطق عن الهوى ولا يتكلم بالخرافات ولا هو ساحر ولا مجنون.
الثاني: البرهان الذي ثبت بهذا الخبر وهو العلاج بالكمأة وهو خبر ثبت صدقه وتحققت مصداقيته في زمن العلم والبحث والتجربة، وفي هذا آية ومعجزة للعالمين أنه كلام الخالق الذي أوحاه لنبيه في زمن بعيد جدا ًحتى يستيقن الناس أن الدين الحق الذي أراده الله لخلقه هو دين الإٍسلام فدعمه بهذه الأخبار والمعجزات.
فكان قوله هذا سبقاً علمياً وإعجازاً نبوياً، تحدى فيه الأطباء والباحثين، قبل أن تتطور العلوم ويكتشف الناس هذه الحقائق في العصر الذي تباهى الناس فيه بالعلم وركنوا إليه، وليتهم جعلوا منه طريقاً إلى الإيمان بالله وبرسوله عليه الصلاة والسلام.


.

لعلاج قشرة الشعر




المواد المستعملة
حفنتان صغيرتان من اكليل الجبل
Romarin

طريقة الاستعمال
ضعي اكليل الجبل في لتر من الماء المغلي, اتركيه 10 دقائق
صفيه واغسلي به شعرك.

ملاحظة
هدا الماء للغسل يبعث الحيوية, خصوصا في الشعر الغامق اللون.


.

عجينة الحنة و الليمون لاحمرار الشعر



المواد المستعملة
 10 ملاعق كبيرة من الحنة
ملعقة كبيرة من القهوة
عصير حبتين ليمون
ماء مغلي
زيت ذرة
بياض بيضة واحدة

طريقة الاستعمال
تخلط الحنة مع القهوة وعصير الليمون مع اضافة قدر مناسب من الماء المغلي لصنع عجينة.. وتترك لمدة 30 دقيقة
تدلك فروة الراس بكمية من زيت الذرة للوقاية من جفاف الشعر. وبعد دلك يضاف البيض الى عجينة الحنة ويتم خلطها جيدا, ويفرد الخليط على الشعر, ويترك لمدة تتراوح ما بين 30 , 60 دقيقة وفقا لدرجة اللون المطلوب.. ثم يغسل الشعر بالشامبوا.


.

الاثنين، 25 يونيو 2012

قناع لإزالة النقط السوداء




المواد المستعملة
ملعقتان صغيرتان من الطماطم المبشورة
ملعقة من عصير  الليمون
ملعقة من الحليب الطري

طريقة الاستعمال
امزجي الطماطم المبشورة بعصير الليمون, ثم اضيفي الى هذا الخليط الحليب الطري. ضعيه على البشرة لمدة 30 دقيقة ثم اغسليه بالماء الدافئ

.

لعلاج عيوب البشرة عامة




المواد المستعملة
مجموعة من اوراق النعناع
ملعقة صغيرة من ماء الورد

طريقة الاستعمال
تفرم اوراق النعناع ويصنع منها عجينة مع ماء الورد. توضع العجينة على الوجه في المساء وتترك لصباح اليوم التالي... او يكفي وضعها على الوجه مدة ساعتين, ثم يشطف الوجه بالماء العادي.

.

قناع الليمون والعسل.. المنعش للبشرة


                                                                             
   
                                             المواد المستعملة
 ثلاث ملاعق كبيرة من عسل النحل
عصير نصف ليمونة

طريقة الاستعمال
يسخن العسل مع العصير على نار هادئة مع التقليب حيث يدوب العسل.. ويصبح سائلا دافئا. ويوضع هدا السائل بعد ان يبرد الى درجة مناسبة على بشرة الوجه والعنق بما في دلك المنطقة الرقيقة حول العينين, ولكن بدون دعك هده المنطقة
يبقى القناع على الوجه لمدة 20 دقيقة, ثم يزال باستخدام قطعة قطن مبللة بماء فاتر
يتميز هدا القناع بمفعول منعش للغاية, ولا ضرر من استعماله بصفة منتضمة,  سواء لكل انواع الجلود او مع كل الاعمار.


.

خلطة العسل و البيض لكثافة الشعر



يحتوي على : 
- ملعقة عسل  
- بياض بيضة اذا الشعر دهنى
وصفار بيضة اذا الشعر جاف او عادى
- ملعقة كبيرة زيت زيتون 
الطريقة :
يخلط خلط جيد ويوضع على الشعر مرة في الاسبوع 
 لمدة( نصف ساعة) 
تظهر النتيجة بعد شهرين من الإستعمال


.

الأحد، 24 يونيو 2012

الحــب الكـبيــر



ابوسعد النشوندلي

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الإهداء:
لك أيّها القلب الكبير , لك أيّها البحر الخضم , لك أيها الأمل الواسع , لك أيها الحب المتدفق, لك أيها البستان المؤرق .

هذه كلماتي تعجز في وصف مآثرك , وتتعثر في ذكر فضائلك , لستُ أدري من أين أبدأ في تسطير ملاحمك وسرد شمائلك ؟!.
أرجوك يا قلبي ضمني إلى صدرك الذي حرمت منه اليوم ,لن انسَ حبك ابدا, لن أنسَ دمعك. ,سأطربُ أذن الزمان بنشيد حبنا, سأملأ الدنيا فيك مدحا ونظما , سأغرس لك في قلبي رايات معطرة بالأشواق يجري من أعماقها شلال الحب الكبير .
حفظك الله يا جدي وأطال في عمرك على طاعته وأحسن ختامنا والمسلمين .

كتبه:
ابوسعد النشوندلي

يا جدي إني أرتل لك الحب شجيّا , إني ابثك الود نديّا , لأنك كنتَ للروح صفيّا , وللقلب خِلا رضيًّا , أنت يا جدي حبوري , أنتَ سعادتي وسروري , أنت جنتي وزهوري , أنت ألوان الخيال ترقص في يقظتي , أنت أمواج الروح تعانق شواطئ مهجتي . أنت شلال الحب ينهمر إلى صفحتي , يا جدي إني أهديك حبي , إني أهبك قلبي , إني أمنحك فؤادي إني أقدّم مهجتي فدى لك
* * * *    

يا جدي أنتَ سحابة حب أغاثت أرضي القاحلة, أنت نبع من كرم يتدفق ماؤه إلى أرجاء قلبي ,أنتَ شمس من أمل بزغت في صحراء روحي, يا جدي أنت مصباح الحب الذي أسرج ظلمة أحزاني , أنت تراتيل الخير لقلبي , أنت طيور الشوق تغنّي فوق أغصان أيامي, نعم يا جدي أنت سراج من امل لا ينطفئ أبدا


 أنت غيث من جود لا ينقطع أبدا ,

 أنت سحب من كرم لا تبخل أبدا

 , أنت قلعة من صمود لا تتزحزح أبدا 

أنت بحر من حكمة لا تجفّ أبدا .    

* * * *

يا جدي : ها أنا اليوم عطشان احتضرُ في صحراء الحياة فاسقني من رحيق تجاربك ,وزّودني من بنات افكارك ,أني عليل فقوّي عزمي بالأمل , أني كئيب فأرسل إلى قلبي عصافير الحب عساها تزقزق في أذني فتسمعني أعذب ألحانك , وأرقَّ أنغامك ,يا جدي إني بمرضك اليوم صرتُ فقيرا إلى تجاربك وعشتُ معدما اشتاق إلى نصائحك , أرجوك يا جدي ألا تسمعني , ألا تسمع صراخ قلب صغير كان يحتضن قلبك الكبير, اني اليوم أعضُّ أصابع الندم حزنا لأني لم أكتب جميع كلمات حبك .


يا جدي خذ قلبي مركبا لقلبك , خذ من شبابي غصونا نضرة تجّمل به وجه المشيب .

خذ من كنز قوتي ما يعيد لك الأمل . أرجوك -يا جدي - لقد خيّم العنكبوت على أحلامي وأنا أنتظرك بفارع الصبر لتنعش قلبي من جديد .

* * * *

يا جدي أنت سلاحي الذي أقاتل به اليأس , أنت الرجل الحكيم الذي صبّ عليّ غيث حكمته ,اني عشتُ يا جدي أنهل من ثروة تجاربك , حتى صرتُ غنيًّا , لقد شربتُ كؤوسا من شهد تجاربك . يا جدي أنت الأمل أنت يا بحر الندى , أنت يا كنز الوفاء أنت يا نبع العطاء, أنت يا وجه الرضا ,أنت يا صبح السنا .


أنا إن طالت بي الحياة سأكتبُ للدهر غيث حبك, وأنظمُ للزمان كثير عطفك , واسرج في سماء المكرمات قمرك ,وأعطّر الأيام من كرمك, وأسرج للقلوب وشاحا من فضلك وانثر للدنيا نجوما من جودك . 

* * * *

يا جدي أنت عنوان الحب , أنت قاموس الوفاء , أنت موسوعة الكرم , لقد نظرتُ إلى الحب بين الناس , فرأيتُ بعضه يموت وهو صغير, وبعضه يهرم وهو شاب , لكنَّ حبك -يا جدي-هو الحب الكبير الذي يكبر مع الأيام ويحلّق حراً في سماء الأحلام . 


يا جدي ها أنت اليوم تجاوزت المائة سنة لكنّ حبك ما زال في ريعان شبابه , انه كالدوحة الفيحاء تسبح أغصانها في السماء وتغوص جذورها في أعماق القلب زادتها الأيام بهاء وصفاء وشموخا ولمعانا ,لم تهزّها رياح المحن بل بقيت صامدة قوية ,هذا خيالي يعزف لك أنغام الحب بين يديك ويغرد كالبلبل حواليك .

* * * *

لقد تعلّمتُ منك الرحمة عند ما رأيتك تعطف على أغنامك, تعلمتُ منك الحب عندما أهديتني الحب غضا طريا يجري كالبلسم على شفتي , لقد تعلمتُ منك الصبر عندما رأيتك تصفح كثيرا عمن أساء إليك , ومن رفع صوته عليك فتحتَ لنفسك باب الصمت تعلمتُ منك يا جدي الحلم وعزة النفس فأنت دائما كبير القلب .

تعلمتُ منك حب العبادة , فأنت اليوم طريح الفراش فاقد للذاكرة قد نسيت كل شيء إلا الصلاة !!. إني أرى سجادتك صارت جارة لك عند رأسك, تعلمتُ منك حب العلم فقد كنتَ قارئا متعلّما مع أن أكثر أترابك من الأميين .

بل لستُ مبالغا إن قلتُ أن جمال خطِّك يفوق كثيرا على خطي مع أني صاحب شهادة جامعية, أشكرك يا جدي أنت أول من فتح لي باب الطموح,

 أشكرك يا جدي على حبك الكبير لقد عشتُ أسعد رجل في العالم أعطّر قلبي دائما برياحين الحب . 

من غيرك يا جدي إذا سقطت أول دمعة من عيني سارعت لمسحها وغرست بدلها بذرة  من غيرك اذا اهتزت احلامي  وتبدّّدت امالي أقبلتَ كالفجر تعيد النور في حياتي.

من غيرك يا جدي إذا تعثرت حركتي أقبلت ترسم أجمل لوحة حب في عيني . 

وتقول لي : سِرْ في حفظ الله ورعايته .

أنت الحب الذي لم تذبل أوراقه مع الزمن ,دعني يا جدي أرسم لك صورة من حب ثم انحتها في جدران قلبي , عساني احتفظ بها ما حييت .

* * * *

يا جدي أنت بحر أمنياتي , أنت شمس ذكرياتي أرجوك افتح لي قلبك أعيشُ بداخله , افتح لي اليوم يدك أقبّلها كما كنت أقبّلها وأنا صغير, خذ قلبي الجريح واحفظه في روضة حبك عساه ينمو من جديد .

يا جدي حياتي من دونك أحزان , أيامي من دونك آلام , عيشي بفقدك آهات .

لقد سمعتُ من فمك أحلى الكلمات . لقد منحتَ قلبي أحلى النبضات لقد وهبتني في شفتيك أحلى القبلات, حياتك يا جدي زينة العمر وشمس الأمل وبريق الغد , وفجر المستقبل الصاعد .   

* * * *
يا جدي إن في قلبي اليوم الكثير من الشجون وأريد أن أبثّها إليك , إن في قلبي الكثير من الأحزان وأملي أن تضّمد جراحي , وتلملم أوراقي ,أنا محتاج اليوم في شبابي لغزير حبك أرجوك ضمني إلى حضنك الكبير الذي وآسيت من قبل آلامي , مدّ يدك لتسحبني من أوحال الأسى , وافتح لي صفحة الحب الذي أخاف كل يوم أن تهجم عليها أرضة الشيخوخة فتأكل معها ورقة أحلامنا الحلوة التي كتبناها معا بدموعنا ومزجناها بحبنا
* * * *

لقد أبصرتك اليوم قفزتَ على عتبة المائة سنة وما زلتُ أرى في وجهك تجلّدًا وأملاًً ,

ها هي السنون نحتت آثارها على وجهك ونفشت أحزانها على صدرك , ونشرت تجاعيدها على بدنك . 

هذا سمعك ضعف تماما بل أراه اليوم اختفى بريقه وغاب طنينه .

وصار المتكلم يصرخ في أذنك لكن دون جدوى, وهذا بصرك ارتدَّ إلى الوراء كليلا , فصرتَ لا  تعرف من هم حواليك .

لكنني يا جدي سأعذرك لأنك صاحب المائة !!.

* * * *

يا جدي لن أنس حبك الكبير الذي غمرتني به,لن انسَ لك حسن ادبك وتربيتك لي,فقد كنت لي نعم الاب والصديق,سقيتني تجاربا من عمرك ومزجتَ لي في الكاس الحب بالامل,اني اذكر ياجدي عندما كنتُ صغيرا احتضن يدك ونمشي سوياً وكنتَ دائما تسبقني, واليوم عندما هرمتَ صارت يدك المرتعشة في يدي تتقوّى بها على المشي,آهٍ ياجدي لقد ضعفت قواك وصارت تتهادى بين احلامي,لن انسَ حبك لاغنامك ,كنتُ استمتع صغيرا وانا اراك بينهن,وكنتُ اتعجبُ من حبِّ اغنامك لك,حقاً لقد زاحمنني في حبك! اذا سمعن صوتك اقبلن مسرعات بلهفة!وعندما انادي عليهن بصوتي الصغير::لايعبأن بي! فصرتُ أتسآل:ماالذي جعل صوت جدي لهن محبّبا؟

وانتزعتُ الاجابة من افواههن:إنها الرحمة التي عطفت قلوب الاغنام على جدي,لقد حسدتُ هذه البهائم على حبك حتى صارت من اعز اصدقائك

****************

لن انسَ دلالك لي حتى قلتَ لي كثيرا : أنا أحبك أكثر من أولادي, لا أدري يا جدي لماذا أنت اليوم عشقت الصمت الطويل ؟ وإن جلستَ أحيانا من فراشك أقبلتَ على صلاتك لقد كنتُ أراك تصلي جالسا في بيتك الصغير الذي لم تفارقه لسنوات خلت .

عندها حمدتُ ربي على نعمة الشباب الذي اتقلب اليوم بين أحضانه ,ولعلي سأذكر نعمة الشباب إذا صرتُ مثلك !! 

لقد فقدتَ سمعك يا جدي تمامًا غير أني إذا لوّحت بيدي إلى الصلاة وقفتَ مسرعًا تصلي حقًا ما أجمل هذا الثبات , نعم أنت صاحب المائة وتحافظ على صلاتك .

وأراك دائمًا تشير بسّبابتك , نعم أنها الراية التي تحلّق بها في سماء التوحيد .

* * * *
يا جدي في صدري اليوم الكثير من الأسئلة وانتظر بفارغ الصبر منك الإجابة .
لكن قلبي ينزف دمعًا لأن سمعك أغلق بابه إلى الأبد !! وكلما طرقتُ الباب مرارا لم يفتح لي فبقيتْ أسئلتي حبيسة في أدراج قلبي يعلوها غبار الأسى أرقبُ لها فجرًا جديدًا لن أنس لك يا جدي الحب الكبير  الذي أمطرتني به أثناء غربة أبي حتى أنسيتني مرارة الغربة .
* * * *
يا جدي الغالي : هل تذكر عندما أصبتُ بالرمد في عينيّ , أسرعتَ بي إلى الأطباء حتى سافرتَ بي إلى المكلا عندما علمت وجود أطباء  مهرة فيها .

ولكن دون جدوى , غير انك لم تيأس وأسرعتَ بي إلى الحجّام وطلبتَ منه أن يحجم لي ولمّا أبصرني صغيرا ورأى طفولتي تلعب بين يديه , خاف عليّ من الحجامة , وقال : إنه صغير إنّ عمره لم يتجاوز الثاني عشرة سنة لكنكَ بقيتَ مصرًّا حتى حجم لي لأنك تعلم أنّ في الحجامة الشفاء كما أخبر بذلك خير الخلقr ودارت رحى الأيام والمرض يخنق عينيّ حتى لا أكاد افتح عيني من شدة المرض وعمّ الاحمرار وطفح على بياض العين .


ولمّا وصفوا لك أطباء في صنعاء عزمتَ مجددًا للسفر إلى صنعاء وعمري ثلاث عشرة سنة عجبا لك يا جدي , انك رجل متفاؤل لم تترك لليأس منزلا في قلبك إلا هدمته .


وعندما وصلنا صنعاء ودخلنا غرفتنا أسرعتُ للنوم على السرير, لأني لم أنم من قبل قط على سرير , فحذّرتني من السقوط فقلتُ لك بإصرار وإعجاب الولد المشاكس :لن أسقط أبدا , ولمّا أبحرتُ في النوم لم أشعر بنفسي ألا أسقطُ من أعلى السرير متألمًا من وجع في ركبتي , فقلتَ لي مواسيا , ألم أقل لك أني أخاف عليك من السقوط ؟!!.


أشكرك يا جدي على حبك , لقد تعلمتُ من هذا السقوط المبكر دروسا في حياتي وهي عدم العجلة والتهور في عمل أي شيء قبل بلوغ أدواته وأسبابه .

ودلفنا عند الطبيب وأخذتُ الدواء وأشرفتَ على  تناول دوائي عند نومي ولما رأيتَ تباشير العافية في عيني حمدتَ الله كثيرا .

وذهبنا من الغد إلى المطار ولمّا دخلنا ذلك المطار الكبير , اكتشفنا أننا نسينا جوازاتنا فرجعتَ مسرعا للوراء  ولمّا وصلتَ أخبرنا الموظف أنّ الطائرة إلى حضرموت قد غادرت قبل قليل .

رجعنا وعلى وجوهنا الأسى , سامحني يا جدي فأنا ما زلتُ صغيرا وأنت شيخ كبير .

وفي يوم جديد عزمنا على السفر ووصلنا المطار في عجل ورجعنا للأسف للمرة الثانية .

فكدتُ أبكي شوقا إلى بلدي وحبًا في لقاء الأحبة ,ولم تمضِ أيام حتى حطّت قلوبنا في بساط مدينتنا الجميلة انها مدينة شبام.

* * * *
يا جدي هذه كلماتك أقطفها من عنقود التجارب ,إني تركتُ لقلبي أن يمرح وأن يطير محلّقا في سمائك, وسمحتُ لأجنحتي أن تعزفَ عند لقائك فمضى قلبي يسمعك أنغاما من وتره ويهديك ألحانا من شجنه . 
* * * *

يا جدي إني عشقتُ القصص والحكايات التي رويتها لي فقد اتحفتني بشجاعة صالح بن حبيب بن علي جابر, وبطولات السلطان القعيطي علي بن صلاح, وأضحكتني بنوادر أحمد بركات الشبامي, وسمعتُ منك شعر سعد السويني وأضحكتني بأحكام (( قريقوش )) ومن هذه القصص التي علقتْ بذاكرتي ,قصة ذلك الرجل الحضرمي البسيط وقد نوى الحج وطلب من أمه أن تكثر من هذا الدعاء : (( اللهم نفّق البضاعة في الحج )) فأكثرت المسكينة من هذا الدعاء ولم تعرف مغزاه , فلما وصل ابنها إلى الحج توفاه الله في ذلك المكان الطاهر محرما , فلما علمتِ الأم صرخت فقال لها الناس : لقد استجاب الله دعاءك في ابنك ونفقت البضاعة وتقبلها الله بقبول حسن .


ومن الحكايات الجميلة أيضا : أنّ رجلا غنيًّا له ابن وحيد فأراد الأب أن يطمئنّ على حياة ولده قبل موته , وأراد أن يختار له الزوجة المناسبة التي تكرمه ولا تطمع في ماله , فزّوج ابنه الزوجة الأولى: وذات يوم نادى على ابنه , فأقبل الولد مسرعا , فقال له الأب : احمل هذا الجذع من الشارع وأدخله بيتنا , وكان الجذع ثقيلا فحاول الابن تحريكه فعجز وخارت قواه , فلما رأته زوجته ضحكت وسخرت منه , فدعا الأب ابنه وأمره أن يطلّق زوجته , ثم زوّجه بالثانية: وعمل نفس الاختبار , دعاه إلى حمل الجذع فلما رأته الزوجة الثانية : وقفت ضاحكة من زوجها فامره بتطليقها, ثم زوجه بالثالثة :ودعاه إلى حمل الجذع وحاول الابن فعجز فصاحت زوجته وخرجت مهرولة من بيتها ومدّت يدها قائلة : سأحمل معك لن أدعك أبدا وحدك تحمل هذا الجذع الثقيل , سأطعم المرَّ كما طعمت, فلما رآها أبوه وعلم صادق حبها , قال له : هذه المرأة الحقيقة التي ابحث لك عنهامنذ زمن وقد وجدتها اليوم , أنها امرأة مخلصة تكافح مع زوجها وتكون سندا له في الملمات, هذه المرأة الناجحة تستحق أن تكون لك شريكة الحياة !!.    

* * * *

لستُ أدري يا جدي من أيِّ الجهات أيممُ ساحلك ؟ وبأيِّ جناح أطير إلى عليائك ؟ وبأي اقدام أهبط إلى ساحتك ؟

جيمك يا جدي جود لا ينقطع , ودالك دواء لآلامي , وياؤك ياسمين الأمل اتضمخُّ به في حياتي .

* * * *

هل تذكر يا جدي عندما كنتُ أمشي معك صغيرا كنتَ دائما تسبقني وأعجزُ عن ملاحقتك واليوم قد انحنى قوس قوتك وأكل الزمان منسأة صحتك حتى صرت تمشي على ثلاث وتسير الهوينا وتسحب جسما ثقيلا كأنك حملت أثقال السنين كلها على عاتقك .


هل تذكر عندما تصحبني في زياراتك , كنتَ تجلسني على فخذيك إذا رأيتَ زحمة الركاب والصقُ ظهري بصدرك , ليتكَ اليوم صلباً فاسند لك همي وحزني , ليتك اليوم تقرأ عبيري وتسمع أريجي, فإني انثرُ للدنيا مقامات من أشواقنا وأسطُّر لها ملاحمًا من حبنا.

* * * *

يا جدي يا خير الرفاق , وبحر الأشواق , حبك لي كالبلسم الترياق, وأنفاسك رقيقة تعانق مني الأحداق .

يا جدي حبك إلى قلبي يسرى , ودمعك في خدي يجري, وروحك في كفي تسمو , وذكرك في أفقي يعلو .

يا جدي لحبك غنّت حروفي ولمدحك انشدت سطوري , ولمجدك ترّنم سروري ,أنت أول صفحة من حب ترفرف في قلعة قلبي, أنت أول كلمة من عطاء أورقت في سطوري, أنت أول دمعة  حنان تدفقت من عيني, أنت أجمل ضحكة هانئة ابحرت كالزورق في وجداني .

أنت أول لبنة من أمل تبني طموحي, أنت أجمل نجمة تفاؤل أضاءت في سمائي ,يا جدي أنت حبي الأول , بل أنت دائما حبي الكبير .

* * * *

يا جدي إني أطرب الزمان من نشيدك وأعطر الآفاق من أريجك , وأروي الفلوات من قصصك , واسرج الدجى من كرمك , وأزفُّ للدنيا شهدا سلسالا من أحلامك .

يا جدي ها أنا اليوم أعيش كالسيف فرداً,ها هي غيوم الأحزان تلّبد سمائي .

ها هي أرضي أغبرت بالأسى وانزعجت بالشجى .

ها هي أحلامي تكّدرت مياهها وتكّسرت آمالها وغاصت أشواقها .

******************
ياجدي : يقولون ان اليتيم من فقد الاب, لكنني ابأسُ يتيم إن فقدتُ قلبك ,إني مهيض الجناح ‘إن حرمتُ حبك,يقولون سقيماً من فقد الصحة وأنا السقيم إن غابت شمسك وانمحى ضوءك, يقولون فقيراً من عدم المال وانا الفقير إن فقدتُ صدرك وحرمتُ وجهك, يقولون اسيرا من فقد الحرية وانا الاسير إن فقدتُ فجرك وحرمتُ املك
* * * *
حسن الختام

وفي نهاية الأشواق أمسكتُ بزمام القلم واقتلعتُ أشواك الألم , ووقفتُ أدعوا الله كثيرا أن يرزقك حسن الختام, أراك يا جدي -كثيرا إذا جلستَ من فراشك رفعتَ يديك تحلّق بهما في ملكوت الدعاء وتضرّعتَ إلى مولاك بخوف ورجاء ,حقا أنا لا أعرف بماذا تدعو؟؟

لكنني أجزم بأنك تلحّ على الله ألا يحرمك برد الختام .

أنني أتذكّر يا جدي كلمتك وقد هممتُ بالسفر يوما فقلتَ (( لا تسافر حتى تدفنني)) 

يا جدي : أنا إن دفنتُ جسدك , فلن أدفن أبدا حبك , بل سيبقى حبك رفيقا في دربي حتى أصل يوما إلى جدثي لعلّي أسمع غدا لسان الدهر متعجبا : (( لم نرَ حبًا مثل هذا الحب )) .

سيبقى حبك يا جدي نبض قلبي ما حييت يسقيني كلما عطشتُ, ويقوّيني كلما ضعفت سيبقى حبك خالدا سرمديا في قلبي ما عشت !! 

عسى الله أن يجمعنا غدا سويا في جنات النعيم برفقة خير المرسلين.

 آمين

كتبه 

ابوسعد النشوندلي
حضرموت



.